غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَأۡتِيَاهُ فَقُولَآ إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرۡسِلۡ مَعَنَا بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ وَلَا تُعَذِّبۡهُمۡۖ قَدۡ جِئۡنَٰكَ بِـَٔايَةٖ مِّن رَّبِّكَۖ وَٱلسَّلَٰمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلۡهُدَىٰٓ} (47)

ثم كرر الأمر قائلاً : { فأتياه فقولا } فسئل إنهما أمرا بأن يقولا له قولاً ليناً فكيف غلظاه أوّلاً بقوله { إنا رسولا ربك } ففيه إيجاب انقياده لهما وإكراهه على طاعتهما وهذا مما يعظم على الجبار . وثانياً بقوله { فأرسل معنا بني إسرائيل } وفيه إدخال النقص في ملكه لأنه كان يستخدمهم في الأعمال الشاقة . وثالثاً بقوله { ولا تعذبهم } وفيه منعه عما يريده بهم ؟ وأجيب بأن هذا القدر من التغليظ ضروري في أداء الرسالة . قيل : أليس الأولى أن يقولا { إنا رسولا ربك } { قد جئناك بآية من ربك فأرسل معنا بني إسرائيل } فيكون ذكر المعجز مقروناً بادعاء الرسالة . والجواب أن قوله { فأرسل } من تتمة الدعوى ، وإنما وحد قوله { بآية } ومعه آيتان بل آيات لقوله { اذهب أنت وأخوك بآياتي } لأنه أراد الجنس كأنه قيل : قد جئناك ببيان من عند الله وبرهان . قال في الكشاف : قلت : وفيه أيضاً نوع من الأدب كما لو قلت : أنا رجل قد حصلت شيئاً من العلم ولعل عندك علوماً جمة على أن تخصيص عدد بالذكر لا يدل على نفي الزائد عليه . وأيضاً الأصل في معجزات موسى كان هي العصا ولهذا وقعت في معرض المعارضة كما أن الأصل في معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم كان هو القرآن فوقع لذلك في حيز التحدي { والسلام } أي جنس السلامة أو سلام خزنة الجنة { على من اتبع الهدى } يحتمل أن يكون هذا أيضاً مما أمر بأن يقولاه لفرعون ، ويحتمل أن تكون الرسالة قد تمت عند قوله { بآية من ربك } ويكون هذا وعداً بالسلامة من عقوبات الدارين لمن آمن وصدق .

/خ37