قوله سبحانه { يا أيها الرسل } ليس على ظاهره لأنهم أرسلوا في أزمنة مختلفة وفي تأويله وجوه : أحدها الإعلام بأن كل رسول في زمانه نودي بذلك ووصى به ليعتقد السامع أن أمراً نودي له جميع الرسل حقيق أن يؤخذ به ويعمل عليه ، ويؤيد هذا التأويل " ما روي عن أم عبد الله أخت شداد بن أوس أنها بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح من لبن في شدة الحر عند فطره صلى الله عليه وسلم وهو صائم فرده الرسول إليها وقال : من أين لك هذا ؟ فقالت : من شاة لي ثم رده وقال : من أين هذه الشاة ؟ فقالت : اشتريتها بمالي فأخذه . ثم إنها جاءته وقالت : يا رسول الله لم رددته ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : بذلك أمرت الرسل أن لا تأكل إلا طيباً ولا تعمل إلا صالحاً " وثانيها وهو قول محمد بن جرير أن المراد به عيسى وقد خاطب الواحد خطاب الجمع لشرفه وكقوله { الذين قال لهم الناس } [ آل عمران : 173 ] والمراد نعيم بن مسعود . ووقع هذا الإعلام عند إيواء عيسى ومريم إلى الربوة فذكر على سبيل الحكاية أي آويناهما وقلنا لهما هذا أي أعلمناهما أن الرسل كلهم خوطبوا بهذا الكلام ، فكلا مما رزقناكما واعملا عملاً صالحاً اقتداء بالرسل . وثالثها وهو الأظهر عندي أن المراد نبينا صلى الله عليه وسلم لأنه ذكر ذلك بعد انقضاء أخبار الرسل . ووجه اتصال الكلام بما بعده ظاهر كما نقرره ، ووجه اتصاله بما قبله هو انتهاء الكلام إلى ذكر المستلذ وبالحقيقة المراد به الأمة كقوله { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء } [ الطلاق : 1 ] والطيب ما يستطاب ويستلذ من المآكل والفواكه أو هو الحلال . وقيل : طيبات الرزق حلال لا يعصى الله فيه ، وصاف لا ينسى الله فيه ، وقوام يمسك النفس ويحفظ العقل . وفي تقديم الأكل من الطيبات على الأمر بالعمل الصالح دليل على أن العمل الصالح لا بد أن يكون مسبوقاً بأكل الحلال . وفي قوله { إني بما تعملون عليم } تحذير من مخالفة هذا الأمر . وقال في سورة سبأ { إني بما تعملون بصير } [ الآية : 11 ] وكلاهما من أسمائه تعالى إلا أنه ورد ههنا على الأصل لأن العلم أعلم وهناك راعى الفاصلة أو خصص لأن الخطاب مخصوص بآل داود .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.