غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَجَعَلۡنَا ٱبۡنَ مَرۡيَمَ وَأُمَّهُۥٓ ءَايَةٗ وَءَاوَيۡنَٰهُمَآ إِلَىٰ رَبۡوَةٖ ذَاتِ قَرَارٖ وَمَعِينٖ} (50)

31

ثم أجمل قصة عيسى بقوله { وجعلنا ابن مريم وأمه آية } وقد مر بيانه في آخر الأنبياء في قوله { وجعلناها وابنها آية للعالمين } [ الآية : 91 ] قال جار الله : لو قيل آيتين لجاز لأن مريم ولدت من غير مسيس ، وعيسى روح من الله ألقى إليها وقد تكلم في المهد وكان يحيى الموتى مع معجزات أخر . واللفظ محتمل للتثنية على تقدير : وجعلنا ابن مريم آية وأمه آية ثم حذفت الأولى لدلالة الثانية عليها . والأقرب حمل اللفظ على وجه الذي لا يتم إلا بمجموعها وهو الولادة على الوجه العجيب الناقص للعادة . والربوة بحركات الراء هي الأرض المرتفعة . عن كعب وقتادة وأبي العالية : هي إيليا أرض بيت المقدس وأنها كبد الأرض وأقرب إلى السماء بثمانية عشر ميلاً . وعن الحسن : فلسطين والرملة . ومثله عن أبي هريرة قال : إلزموا هذه الرملة رملة فلسطين فإنها الربوة التي ذكرها الله . وقال الكلبي وابن زيد : هي مصر . والأكثرون على أنها دمشق وغوطتها والقرار المستقر من أرض منبسطة مستوية . وعن قتادة : أراد ذات ثمار وماء يعني لأجل الثمار يستقر فيها ساكنوها والمعين الماء الظاهر الجاري على وجه الأرض من عانه إذا أدركه بعينه فوزنه " معيون " على " مفعول " وقال الفراء والزجاج : إن شئت جعلته " فعيلاً " من الماعون وهو ما سهل على معطيه من أثاث البيت ومثله قول أبي علي : المعين السهل الذي ينقاد ولا يتعاصى . وقال جار الله : ووجه من جعله " فعيلاً " أنه نفاع لظهوره وجريه من الماعون وهو المنفعة . قال المفسرون : سبب الإيواء أنها قرت بابنها عيسى إلى الربوة وبقيت بها اثنتي عشرة سنة ، وإنما ذهب بها ابن عمها يوسف ثم رجعت إلى أهلها بعد ما مات ملكهم .

/خ56