غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَٱسۡتَوَىٰٓ ءَاتَيۡنَٰهُ حُكۡمٗا وَعِلۡمٗاۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (14)

1

ثم بين سبحانه كمال عنايته في حقه كما بين في قصة يوسف قائلاً : { ولما بلغ أشده } وزاد ههنا قوله { واستوى } فقيل : بلوغ الأشد والاستواء بمعنى واحد . والأصح أنهما متغايران . والأشد عبارة عن البلوغ ، والاستواء إشارة إلى كمال الخلقة . وعن ابن عباس : الأشد ما بين الثمانية عشر إلى ثلاثين ، والاستواء من الثلاثين إلى الأربعين . وهو عند الأطباء سن الوقوف . فلعل يوسف أعطى النبوة في سن النمو وأعطى موسى إياها في سن الوقوف . والعلم التوراة ، والحكم السنة ، وحكمة الأنبياء سنتهم - قيل : ليس في الآية دلالة على أن هذه النبوة كانت قبل قتل القبطي أو بعده لأن الواو في قوله { ودخل المدينة } لا تفيد الترتيب . قلت : يشبه أن يستدل على أن النبوة كانت بعد قتل القبطي بأنها كانت بعد تزوجه بنت شعيب ، والتزوج كان بعد فراره منهم إلى مدين كما قرره تعالى في هذه السورة . وقد أجمل ذلك في الشعراء حيث قال حكاية عن موسى { فعلتها إذا وأنا من الضالين ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً } [ الشعراء : 2021 ] وعلى هذا يمكن أن يراد بالواو الترتيب ويكون المعنى : آتيناه سيرة الحكماء والعلماء قبل البعث فكان لا يفعل فعلاً يستجهل فيه .

/خ21