ثم أجمل قصة نوح ومن بعده تصديقاً لقوله في أول السورة { ولقد فتنا الذين من قبلهم } وفيه تثبيت للنبي عليه الصلاة والسلام كأنه قيل له : إن نوحاً لبث ألف سنة تقريباً يدعو قومه ولم يؤمن منهم إلا قليل ، فأنت أولى بالصبر لقلة مدة لبثك وكثرة عدد أمتك ، وفيه تحذير لكفار قريش فإن أولئك الكفار ما نجوا من العذاب مع تلك الأعمار الطوال ، فهؤلاء كيف يسلمون أم كيف يغترون ؟
سؤال : ما الفائدة في قوله { ألف سنة إلا خمسين عاماً } دون أن يقول : تسعمائة وخمسين . الجواب : لأن العبارة الثانية تحتمل التجويز والتقريب . فإن من قال : عاش فلأن ألف سنة يمكن أن يتوهم أنه يدعي ذلك تقريباً لا تحقيقاً . فإذا قال : إلا شهراً أو إلا سنة ، زال ذلك الوهم . وأيضاً المقصود تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكر الألف الذي هو عقد معتبر أوصل إلى هذا الغرض . وإنما جاء بالمميز في المستثنى مخالفاً لما في المستثنى منه تجنباً من التكرار الخالي عن الفائدة وتوسعة في الكلام . قال بعض الأطباء : العمر الطبيعي للإِنسان مائة وعشرون سنة . فاعترضوا عليهم بعمر نوح عليه السلام وغيره ، وذلك أن المفسرين قالوا : عمر نوح ألفا وخمسين سنة بعث على رأس أربعين ، ولبث في قومه تسعمائة وخمسين ، وعاش بعد الطوفان ستين . وعن وهب أنه عاش ألفاً وأربعمائة سنة . ويمكن أن يقال : إنهم أرادوا بالطبيعي ما كان أكثرياً في أعصارهم . ولا ينافي هذا كون بعض الأعمار زائداً على هذا القدر بطريق خرق العادة على أن العادة قد تختلف باختلاف الأعصار والأدوار ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم " أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين " والطوفان ما عم كل المكان بكثرة وغلبة من سيل أو ظلام ليل . وفي قوله { وهم ظالمون } دليل على أن العذاب أخذهم وهم مصرون على الظلم ولو كانوا قد تركوه لما أهلكهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.