وحين بين حسن التكاليف ووقوعها وذكر ثواب من حقق التكاليف أصولها وفروعها أشار بقوله : { ووصينا الإنسان } الآية إلى أنه لا دافع لهذه السيرة ولا مانع لهذه الطريقة فإن الإنسان إذا انقاد لأحد ينبغي أن ينقاد لأبويه ، ومع هذا لو أمروه بالمعصية لا يجوز اتباعهم فكيف غيره ؟ ومنه يعلم أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . ومعنى { وصينا } أمرنا كما مر في قوله { ووصى بها إبراهيم } [ البقرة : 132 ] وقوله { بوالديه } أي بتعهدهما ورعاية حقوقهما ، وعلى هذا ينتصب { حسناً } بمضمر يدل عليه ما قبله أي أولهما حسناً أو افعل بهما حسناً كأنه قال : قلنا له ذلك وقلنا له { وإن جاهداك } إلى آخره فلو وقف على قوله { بوالديه } حسن ويجوز أن يراد وصيناه بإيتاء والديه حسناً وقلنا له { وإن جاهداك } وقوله { ما ليس لك به علم } كقوله ما لم ينزل به عليكم سلطاناً } [ الأنعام : 81 ] أي لا معلوم ليتعلق العلم به . وإذا كان التقليد في الإيمان قبيحاً فكيف يكون حال التقليد في الكفر . وعلى وجوب ترك طاعة الوالدين إذا أرادا ولدهما على الإشراك دليل عقلي ، وذلك أن طاعتهما وجبت بأمر الله فإذا نفيا طاعة الله في الإشراك به فقد أبطلا طاعة الله مطلقاً ، ويلزم منه عدم لزوم طاعة الوالدين بأمر الله ، وكل ما يفضي وجوده إلى عدمه فهو باطل . فطاعة الوالدين في اتخاذ الشرك بالله من الممتنعات . وفي قوله { إليّ مرجعكم } ترغيب في رعاية حقوق الوالدين وترهيب عن عقوقهما وإن كانا كافرين إلا في الدعاء إلى الشرك . وفيه أن المجازي للمؤمن والمشرك إذا كان هو الله وحده فلا ينبغي أن يعق الوالدين لأجل كفرهما . وفي قوله { فأنبئكم } دليل على أنه سبحانه عالم بالخفيات لا يعزب عنه شيء . يروى أن سعد بن أبي وقاص الزهري حين أسلم قالت أمه وهي حمنة بنت أبي سفيان : يا سعد بلغني أنك قد صبأت ، فوالله لا يظلني سقف بيت وإن الطعام والشراب عليّ حرام حتى تكفر بمحمد . وكان أحب ولدها إليها فأبى سعد وبقيت ثلاثة أيام كذلك فنزلت هذه الآية ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سعداً أن يداريها ويرضيها بالإحسان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.