غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمَن جَٰهَدَ فَإِنَّمَا يُجَٰهِدُ لِنَفۡسِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (6)

1

ثم بين بقوله { ومن جاهد } الآية . أن فائدة التكاليف والمجاهدات إنما ترجع إلى المكلف والله غني عن كل ذلك . قال المتكلمون من الأشاعرة : في الآية دلالة على أن رعاية الأصلح لا تجب على الله وإلا كان مستكملاً بذلك ، وأن أفعاله لا تعلل بغرض لأن ذلك خلاف الغني ، وأنه ليس في مكان وإلا لزم افتقاره ، وأنه ليس قادريته بقدرة ولا عالميته بعلم لأن القدرة والعلم غيره فيلزم افتقاره . ويمكن أن يجاب عن الأول بأن وجوب صدور الأصلح عنه لمقتضى الحكمة لا يوجب الاستكمال . وعن الثاني بأن استتباع الفائدة لا يوجب افتقار المفيد . وعن الثالث أن استصحاب المكان غير الافتقار إليه . وعن الرابع أن العالم هو ما يغاير ذات الله مع صفاته . وفي الآية بشارة من وجه وإنذار من وجه آخر ، وذلك أن الاستغناء عن الكل يوجب غناه عن تعذيب كل فاجر كما أنه يمكن أن يهلك كل صالح ولا شيء عليه .إلا أنه رجح جانب البشارة بقوله { والذين آمنوا وعملوا الصالحات }.

/خ15