غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَٱلَّـٰتِي يَأۡتِينَ ٱلۡفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمۡ فَٱسۡتَشۡهِدُواْ عَلَيۡهِنَّ أَرۡبَعَةٗ مِّنكُمۡۖ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمۡسِكُوهُنَّ فِي ٱلۡبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّىٰهُنَّ ٱلۡمَوۡتُ أَوۡ يَجۡعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلٗا} (15)

11

قوله عم طوله : { واللاتي يأتين الفاحشة } الآية . وجه النظم فيه أن التغليظ عليهم في باب الفاحشة من جملة الإحسان إليهن المأمور به في الآيات المتقدمة . وفيه أم مدار الشرع على العدل والإنصاف والاحتراز في كل باب من طرفي التفريط والإفراط ، فلا ينبغي أن يصير الإحسان إليهن سبباً لترك إقامة الحدود عليهن . واللاتي جمع التي وفيه لغات : اللائي بالهمزة ، واللواتي واللوائي فكأنهما جمعا الجمع . وقد تحذف الياءات من الأربعة ، وقد تسهل همزة اللائي بين الهمزة والياء لكونها مكسورة لقراءة ورش { واللاء يئسن من المحيض }[ الطلاق :4 ] وقد يقال : اللاي بياء ساكنة بعد الألف من غير همز ، وقد يقال : اللوا بحذف التاء والياء معاً . وقد يقال : اللاءات كاللامات . قال ابن الأنباري : العرب تقول في الجمع من غير الحيوان التي ، ومن الحيوان اللاتي كقوله :{ أموالكم التي جعل الله لكم قياماً }[ النساء : 5 ] وقال في هذه الآية { واللاتي } لأن الجمع من غير الحيوان سبيله سبيل الشيء الواحد بخلاف جمع الحيوان فإن كل واحد منهما متميز عن غيره بخواص وصفات . ومن العرب من يلغي هذا الفرق . والفاحشة الفعلة المتزايدة في القبح مصدر كالعافية . وأجمعوا على أنها الزنا ههنا . قال المحققون : خصص هذا العمل بالفاحشة لأن القوى البدنية نطقية وغضبية وشهوية ، وفساد الأولى الكفر والبدعة وأمثالها ، وفساد الثانية القتل بغير حق ونحوه ، وفساد الثالثة الزنا واللواط والسحق وما أشبهها وهذه أخص الجميع . ومعنى { من نسائكم } من زوجاتكم أو من الحرائر أو من نسائكم المؤمنات والثيبات أقوال . { فاستشهدوا عليهم أربعة منكم } احتياطاَ لأمر الزنا . والمراد بقوله : { منكم } أي من رجالكم . قال الزهري : مضت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين بعده أن لا تقبل شهادة النساء في الحدود فإن شهدوا مفصلاً مفسراً كقولهم : رأيناه أدخل فرجه في فرجها كالمرود في المكحلة ، أو كالرشاء في البئر . ولا بد مع ذلك من الوصف بالتحريم لا بمعنى عرضي كالحيض ، ولا مع تحليل عالم كالمتعة ، ولا بشبهة { فأمسكوهن في البيوت } خلدوهن محبوسات في بيوتكم { حتى يتوفاهن الموت } أي ملائكة الموت أو حتى يأخذهن الموت ويستوفي أرواحهن { أو يجعل الله لهن سبيلاً } بالنكاح أو بالحد .

/خ22