غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ حَقُّ ٱلۡيَقِينِ} (95)

1

{ إن هذا } القرآن أو الذي أنزل في هذه السورة { لهو حق اليقين } أي الحق الثابت من اليقين وهو علم يحصل به ثلج الصدر ويسمى ببرد اليقين . وقد يسمى العلم الحاصل بالبرهان فالإضافة بمعنى " من " كقولك " خاتم فضة " وهذا في الحقيقة لا يفيد سوى التأكيد كقولك " حق الحق " . " وصواب الصواب " أي غايته ونهايته التي لا وصول فوقه . أو المراد هذا هو اليقين حقاً لا اليقين الذي يظن أنه يقين ولا يكون كذلك في نفس الأمر . هذا ما قاله أكثر المفسرين . وقيل : الإضافة كما في قولنا " جانب الغربي " و " مسجد الجامع " أي حق الأمر اليقين . ويحتمل أن تكون الإضافة كما في قولنا " حق النبي أن يصلي عليه " و " حق المال أن تؤدى زكاته " ومنه قوله صلى الله عليه وسلم " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها " أي إلا بحق هذه الكلمة . ومن حقها أداء الزكاة والصلاة فكذلك حق اليقين الاعتراف بما قال الله سبحانه في شأن الأزواج الثلاثة . وعلى هذا يحتمل أن يكون اليقين بمعنى الموت كقوله

{ واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } [ الحجر :92 ] وقال أهل اليقين : للعلم ثلاث مراتب : أولها علم اليقين وهو مرتبة البرهان ، وثانيها عين اليقين وهو أن يرى المعلوم عياناً فليس الخبر كالمعاينة ، وثالثها حق اليقين وهو أن يصير العالم والمعلوم والعلم واحداً . ولعله لا يعرف حق هذه المرتبة إلا من وصل إليها كما أن طعم العسل لا يعرفه إلا من ذاقه بشرط أن لا يكون مزاجه ومذاقه فاسدين . روى جمع من المفسرين أن عثمان بن عفان دخل على ابن مسعود في مرضه الذي مات فيه فقال له : ما تشتكي ؟ قال : ذنوبي . قال : ما تشتهي ؟ قال :رحمة ربي . قال : أفلا ندعو الطبيب ؟ قال : الطبيب أمرضني . قال : أفلا نأمر بعطائك ؟ قال : لا حاجة لي فيه . قال : تدفعه إلى بناتك . قال : لا حاجة لهن فيه قد أمرتهن أن يقرأن سورة الواقعة فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من قرأ سورة الواقعة كل يوم لم تصبه فاقة أبداً " .

/خ95