اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ حَقُّ ٱلۡيَقِينِ} (95)

قوله : { إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ اليقين } .

أي : هذا الذي قصصناه محضُ اليقين وخالصه{[55170]} .

وجاز إضافة الحق إلى اليقين ، وهما واحد لاختلاف لفظهما ، وذلك من باب إضافة المترادفين على سبيل المبالغةِ .

قال المبرد : هو كقولك : عين اليقين وحق اليقين .

فهو من باب إضافة الشيء إلى نفسه عند الكوفيين ، وإن كانوا فعلوا ذلك في اللفظ الواحد ، فقالوا : صواب الصواب ، ونفس النفس مبالغة ، فلأن يفعلوا عند اختلاف اللفظ أولى{[55171]} .

وعند البصريين بمعنى : حق الأمر اليقين ، أو الخبر اليقين .

وقيل : هو توكيد ، كقولك : حق الحق ، وصواب الصواب . قاله ابن عطية .

وقيل : أصل اليقين أن يكون نعتاً للحق فأضيف المنعوت إلى النَّعت على الاتِّساع والمجاز ، كقوله تعالى : { وَلَدَارُ الآخرة خَيْرٌ } [ النحل : 30 ] .

قال ابن الخطيب{[55172]} : «هذه الإضافة كقولك : ثوب كتان ، وباب ساجٍ بمعنى ثوب من كتان ، وباب من ساجٍ ، أي : لهو الحق من اليقين » .

ويحتمل أن يكون المعنى : أنه الحق الذي يستحقه اليقين ، كقوله عليه الصلاة والسلام : «أمِرْتُ أن أقَاتِلَ النَّاس حتَّى يقُولُوا : لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ ، فإذا قالُوهَا عَصَمُوا منِّي دمَاءَهُمْ وأمْوالهُمْ إلاَّ بحقِّهَا »{[55173]} .

فالضمير يرجع إلى الكلمة ، أي : إلا بحق الكلمة ، ومن حق الكلمة أداء الزكاة والصلاة ، فكذلك حق اليقين ، بالاعتراف ، أي : بحق اليقين .

والمعنى : أنه يعترف بما قال الله - تعالى - في سورة «الواقعة » ، وفي حق الأزواج الثلاثة ، وعلى هذا المعنى إن اليقين لا يحق إلاَّ إذا صدق بما قاله ، فالتصديق حق اليقين الذي يستحقه .


[55170]:ينظر: القرطبي 17/261.
[55171]:ينظر: الدر المصون 6/271، والقرطبي 17/151، 152.
[55172]:ينظر: التفسير الكبير 29/177.
[55173]:تقدم.