مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَيَٰقَوۡمِ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوٓاْ إِلَيۡهِ يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا وَيَزِدۡكُمۡ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمۡ وَلَا تَتَوَلَّوۡاْ مُجۡرِمِينَ} (52)

{ ويَا قَوْمِ استغفروا رَبَّكُمْ } آمنوا به { ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ } من عبادة غيره { يُرْسِلِ السماء } أي المطر { عَلَيْكُمْ مُّدْرَاراً } حال أي كثير الدرر { وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ } إنما قصد استمالتهم إلى الإيمان بكثرة المطر وزيادة القوة لأنهم كانوا أصحاب زروع وبساتين فكانوا أحوج شيء إلى الماء . وكانوا مدلين بما أوتوا من شدة البطش والقوة . وقيل : أراد القوة بالمال أو على النكاح . وقيل حبس عنهم القطر ثلاث سنين وعقمت أرحام نسائهم فوعدهم هود عليه السلام المطر والأولاد على الإيمان والاستغفار . وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما أنه وفد على معاوية ، فلما خرج قال له بعض حجابه : إني رجل ذو مال ولا يولد لي علمني شيئاً لعل الله يرزقني ولدا . فقال الحسن : عليك بالاستغفار ، فكان يكثر الاستغفار حتى ربما استغفر في يوم واحد سبعمائة مرة ، فولد له عشرة بنين ، فبلغ ذلك معاوية فقال : هلا سألته مم قال ذلك ؟ فوفد وفدة أخرى فسأله الرجل فقال : ألم تسمع قول هود : { ويزدكم قوة إلى قوتكم } وقول نوح : { ويمددكم بأموال وبنين } [ نوح : 12 ] { وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ } ولا تعرضوا عني وعما أدعو إليه { مُّجْرِمِينَ } مصرين على إجرامكم وآثامكم