غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَيَٰقَوۡمِ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوٓاْ إِلَيۡهِ يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا وَيَزِدۡكُمۡ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمۡ وَلَا تَتَوَلَّوۡاْ مُجۡرِمِينَ} (52)

{ ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه } قد مر مثله في أول السورة . وقال الأصم : المراد سلوه أن يغفر لكم ما تقدم لكم من إسرافكم ثم اعزموا على أن لا تعودوا إلى مثله . ثم قصد استمالتهم وترغيبهم في الإِيمان بكثرة المطر وزيادة القوة لأن القوم كانوا حراصاً على جميع الأموال من وجوه العمارة والزراعة مفتخرين بما أوتوا من البطش والقوة ، فقدم إليهم في باب الدعوة إلى الدين والترغيب فيه ما كانت همتهم معقودة به ليحصل في ضمنه الغرض الكلي والمقصود الأصلي وهو الفوز بالسعادات الأخروية ، وكأنه إنما خصص هذين النوعين من السعادات الدنيوية لأن الأول أصل جميع النعم ، والثاني أصل في الانتفاع بتلك النعم . وقيل : المراد بالقوة الزيادة في المال . وقيل في النكاح . وروي أنه حبس عنهم القطر بشؤم التكذيب ثلاث سنين وأعقم نساؤهم فوعدوا أنهم إن آمنوا أحيا الله بلادهم ورزقهم المال والولد . والمدرار الكثير الدر كما مر في أول " الأنعام " . عن الحسن بن علي رضي الله عه أنه وفد على معاوية فلما خرج تبعه بعض حجابه فقال : إني رجل ذو مال لا يولد لي فقال : عليك بالاستغفار . فكان يكثر الاستغفار حتى إنه ربما استغفر في يوم واحد سبعمائة مرة فولد له عشرة بنين فبلغ ذلك معاوية فقال : هلا سألته مم قال ذلك ؟ فوفد وفدة أخرى فسأله الرجل فقال : ألم تسمع قول هود { ويزدكم قوة إلى قوتكم } وقول نوح { ويمددكم بأموال وبنين } [ نوح :12 ] ثم قول هود { لا تتولوا } أي لا تعرضوا عما أدعوكم إليه { مجرمين } مصرين على الإِجرام والآثام . فجحدوا هوداً وقالوا ما جئتنا ببينة كما قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم { لولا أنزل عليه آية من ربه }

[ الرعد :27 ] ولم يشتهر منه معجزة ولكن العلماء قالوا : إظهار الدعوة مع أولئك الأقوام من غير مبالاة وتوانٍ آية من الآيات .