البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَيَٰقَوۡمِ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوٓاْ إِلَيۡهِ يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا وَيَزِدۡكُمۡ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمۡ وَلَا تَتَوَلَّوۡاْ مُجۡرِمِينَ} (52)

وتقدّم الكلام في { استغفروا ربكم ثم توبوا إليه } أول هذه السورة قصد هود استمالتهم إلى الإيمان وترغيبهم فيه بكثرة المطر وزيادة القوة ، لأنهم كانوا أصحاب زورع وبساتين وعمارات حراصاً عليها أشد الحرص ، فكانوا أحوج شيء إلى الماء ، وكانوا مدلين بما أوتوا من هذه القوة والبطش والبأس مهيئين في كل ناحية .

وقيل : أراد القوة في المال ، وقيل : في النكاح .

قيل : وحبس عنهم المطر ثلاث سنين ، وعقمت أرحام نسائهم .

وقد انتزع الحسن بن علي رضي الله عنه من هذا ومن قوله : ويمددكم بأموال وبنين ، أن كثرة الاستغفار قد يجعله الله سبباً لكثرة الولد .

وأجاب من سأله وأخبره أنه ذو مال ولا يولد له بالاستغفار ، فأكثر من ذلك فولد له عشر بنين .

وروى أبو صالح عن ابن عباس في قوله : ويزدكم قوة إلى قوتكم ، أنه الولد وولد الولد .

وقال مجاهد وابن زيد : في الجسم والبأس ، وقال الضحاك : خصباً إلى خصبكم ، وقيل : نعمة إلى نعمته الأولى عليكم ، وقيل : قوة في إيمانكم إلى قوة في أبدانكم .