فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَيَٰقَوۡمِ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوٓاْ إِلَيۡهِ يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا وَيَزِدۡكُمۡ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمۡ وَلَا تَتَوَلَّوۡاْ مُجۡرِمِينَ} (52)

قيل : إنما قال فيما تقدّم في قصة نوح : مالاً ، وهنا قال : أجراً لذكر الخزائن بعده في قصة نوح ، ولفظ المال بها أليق ، ثم أرشدهم إلى الاستغفار والتوبة . والمعنى : اطلبوا مغفرته لما سلف من ذنوبكم ، ثم توسلوا إليه بالتوبة . وقد تقدّم زيادة بيان لمثل هذا في قصة نوح ، ثم رغبهم في الإيمان بالخير العاجل ، فقال : { يُرْسِلِ السماء } أي : المطر { عَلَيْكُمْ مُّدْرَاراً } أي : كثير الدرور ، وهو منصوب على الحال ، درّت السماء تدرّ ، وتدرّ ، فهي : مدرار ، وكان قوم هود أهل بساتين ، وزرع ، وعمارة ، وكانت مساكنهم الرمال التي بين الشام واليمن { وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ } معطوف على يرسل : أي : شدّة مضافة إلى شدّتكم ، أو خصباً إلى خصبكم ، أو عزّاً إلى عزّكم . قال الزجاج : المعنى يزدكم قوّة في النعم { وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ } أي : لا تعرضوا عما أدعوكم إليه ، وتقيموا على الكفر مصرّين عليه ، والإجرام : الآثام كما تقدّم .

/خ60