تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَيَٰقَوۡمِ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوٓاْ إِلَيۡهِ يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا وَيَزِدۡكُمۡ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمۡ وَلَا تَتَوَلَّوۡاْ مُجۡرِمِينَ} (52)

وقوله تعالى : ( وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ) يحتمل أن يكون قوله : ( استغفروا ربكم ) [ وقوله ][ ساقطة من الأصل وم ] ( ثم تولوا إليه ) واحد ، ويحتمل على التقديم والتأخير : توبوا إليه ، ثم استغفروا ما كان منكم من المساوئ : أي أقبلوا إلى طاعة الله ، واندموا على أفعالكم .

وقوله تعالى : ( استغفروا ربكم ) معلوم أن هودا لم يرد بقوله : ( استغفروا ربكم ) أن يقولوا : نستغفر الله ، ولكن أمرهم أن يطلبوا السبب الذي يوجب لهم المغفرة ، ويحق ، وهو التوحيد . كأنه قال : وحدوا ربكم ، وآمنوا به ، ثم توبوا إليه ، أو يقول : اطلبوا المغفرة بالانتهاء عن الكفر كقوله تعالى : ( إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف )[ الأنفال : 38 ] .

وقوله تعالى : ( يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ ) قال بعض أهل التأويل : إنه كان قد انقطع عنهم المطر ، وانقطع نسلهم ، فأخبر أنكم إن تبتم إلى الله ، واستغفرتم ربكم ( يرسل عليكم السماء مدرارا ) الآية حتى تتناسلوا ، وتتوالدوا .

ويحتمل قوله : ( يرسل السماء عليكم مدرارا ) أي يزدكم قوة [ في ][ ساقطة من الأصل وم ] أفعالكم إلى قوة أبدانكم لأنهم كانوا أهل قوة وأهل بطش بقولهم : ( وقالوا من أشد منا قوة )[ فصلت : 15 ] .

ويحتمل على الابتداء : ( يرسل السماء عليكم مدرارا ) يزدكم قوة إلى قوتكم .

فقوله تعالى : ( ولا تتولوا ) عما أدعوكم إليه ، فتكونوا ( مجرمين ) المجرم : قال أبو بكر : هو الوثاب في الإثم ، وقيل : هو المكتسب .