مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمۡ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحۡمَٰنِ عِتِيّٗا} (69)

{ ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلّ شِيعَةٍ } طائفة شاعت أي تبعت غاوياً من الغواة { أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرحمن عِتِيّاً } جرأة أو فجوراً أي لنخرجن من كل طائفة من طوائف الغي أعتاهم فأعتاهم ، فإذا اجتمعوا طرحناهم في النار على الترتيب ، نقدم أولاهم بالعذاب فأولاهم . وقيل : المراد بأشدهم عتياً الرؤساء لتضاعف جرمهم لكونهم ضلالاً ومضلين . قال سيبويه : { أيهم } مبني على الضم لسقوط صدر الجملة التي هي صلته وهو «هو » من «هو أشد » حتى لو جيء به لأعرب بالنصب ، وقيل : أيهم هو أشد وهذا لأن الصلة توضح الموصول وتبينه كما أن المضاف إليه يوضح المضاف ويخصصه ، فكما أن خذف المضاف إليه في «من قبلُ » يوجب بناء المضاف وجب أن يكون حذف الصلة أو شيء منها موجباً للبناء وموضعها نصب ب «نزع » ، وقال الخليل : هي معربة وهو مبتدأ وأشد خبره وهو رفع على الحكاية تقديره : لننزعن الذين يقال فيهم أيهم أشد على الرحمن عتياً . ويجوز أن يكون النزع واقعاً على { من كل شيعة } كقوله { ووهبنا لهم من رحمتنا } أي لننزعن بعض كل شيعة فكأن قائلاً قال : من هم ؟ فقيل : أيهم أشد عتياً ، و«على » يتعلق بأفعل أي عتوهم أشد على الرحمن