الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمۡ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحۡمَٰنِ عِتِيّٗا} (69)

ثم قال تعالى : { ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا }[ 69 ] .

أي : ثم لنأخذن من كل جماعة أشدهم على الرحمن عتوا وتمردا . يعني الأكابر فالأكابر جرما . والجبار فالجبار .

والمعنى : نبدأ بتعذيب أعظمهم جرما ثم الذي يليه ثم الذي يليه{[44531]} .

قال مجاهد : ( من كل شيعة ) : من كل أمة{[44532]} . والشيعة : الجماعة المتعاونون على الأمر . فالتقدير : لنأخذن من كل أمة تعاونت على الكفر أشدهم كفرا ثم الذي يليه .

( وأيهم ) رفع عند الخليل على الحكاية{[44533]} . أي لننزعن الذي{[44534]} يقال له من أجل عتوه أيهم أشد .

ومعناه : لننزعن من كل فرقة الأعتى فالأعتى ، يعذب أولا أشدهم{[44535]} كفرا ثم الذي يليه .

ومذهب يونس{[44536]} أن ( لننزعن ) معلق . ( وأيهم ) رفع بالابتداء وليس هذا الفعل مما يجوز أن يعلق عند غيره .

ومذهب{[44537]} سيبويه{[44538]} أن ( أيهم ) مبنية على الضم ، لأنها خالفت أخواتها في الحذف ، لأنك لو قلت رأيت الذي أفضل منك ، ومررت بمن أفضل منك قبح ، وذلك حسن في ( أيهم ) فخالفت أختها بحسن حذف الصلة بعدها ، فبنيت على الضم .

وقد خطيء{[44539]} سيبويه في هذا القول ، لأن{[44540]} مذهبه أنه إنما{[44541]} أعرب ( أيا ) إذا انفردت من أجل أنها تضاف . فكيف يعربها من أجل أنها تضاف وبينها وهي مضافة{[44542]} .

وقال الكسائي{[44543]} : ( لننزعن ) واقع على المعنى . كما تقول{[44544]} : ليست من الثياب ، وأكلت من الطعام . فترفع ( أيهم ) بالابتداء .

وقال الفراء{[44545]} : المعنى : ( لننزعن ) بالنداء ، فيكون معنى ( لننزعن ) : لننادين{[44546]} .

وهذا يتعلق ، ولا يتعدى ، فحسن الرفع بالابتداء ، إذ هو في موضع فعل يجوز أن يعلق عن العمل . أعني ( لننزعن ) وقع موقع ( لننادين ) . ونادى / فعل يعلق عن العمل إذا كان بعده جملة . فلا يعمل في اللفظ ويعمل في المعنى كظننت وحسبت .

وقال بعض الكوفيين في ( أي ) معنى الشرط والمجازاة فلذلك لم يعمل فيها{[44547]} ما قبلها .

وقال المبرد : ( أيهم ) متعلقة بشيعة لا بننزعن . والمعنى : ثم لننزعن من الذين تشايعوا أيهم . أي : من الذين تعاونوا فنظروا أيهم أشد . فيكون المعنى على هذا ثم لننزعن من هؤلاء الذين فعلوا هذا الذي وصف عنهم .


[44531]:(ثم الذي يليه) سقط من ز.
[44532]:انظر: جامع البيان 16/107 والدر المنثور 4/280.
[44533]:انظر: معاني الزجاج 3/339-340 وإعراب القرآن للنحاس 2/322.
[44534]:ز: الذين.
[44535]:ز: أولهم أشد.
[44536]:انظر: معاني الزجاج 3/339 وإعراب القرآن للنحاس 2/322 والقائل هو يونس بن حبيب الضبي، من أصحاب أبي عمرو بن العلاء (ت 182هـ) انظر: ترجمته في: أخبار النحويين البصريين 51. وغاية النهاية 2/406 وبغية الوعاة 2/365.
[44537]:ز: ومعناه عند.
[44538]:انظر: معاني الزجاج 3/340.
[44539]:ز: حكى: (تحريف).
[44540]:ز: لأن من مذهبه أنه أعرب.
[44541]:إنما سقطت من ز.
[44542]:قال النحاس: سمعت أبا إسحاق يقول: ما يبين لي أن سيبويه غلط في كتابه إلا في موضعين هذا أحدهما. انظر: إعراب القرآن للنحاس 2/323.
[44543]:انظر: إعراب القرآن للنحاس 2/323.
[44544]:(تقول) سقطت من ز.
[44545]:انظر: إعراب القرآن للنحاس 2/323.
[44546]:ز: كننادين. (تحريف).
[44547]:فيها سقطت من ز.