قوله تعالى : " ثم لننزعن من كل شيعة " أي لنستخرجن من كل أمة وأهل دين . " أيهم أشد على الرحمن عتيا " النحاس : وهذه آية مشكلة في الإعراب ؛ لأن القراء كلهم يقرؤون " أيهم " بالرفع إلا هارون القارئ الأعور ، فإن سيبويه حكى عنه " ثم لننزعن من كل شيعة أيهم " بالنصب أوقع على أيهم لننزعن . قال أبو إسحاق : في رفع " أيهم " ثلاثة أقوال ، قال الخليل بن أحمد حكاه عنه سيبويه : إنه مرفوع على الحكاية ، والمعنى : ثم لننزعن من كل شيعة الذي يقال من أجل عتوه أيهم أشد على الرحمن عتيا ، وأنشد الخليل فقال :
ولقد أبيت من الفتاة بمنزلٍ*** فأبيتُ لا حرِج ولا محروم
أي فأبيت بمنزلة الذي يقال له لا هو حرج ولا محروم . وقال أبو جعفر النحاس : ورأيت أبا إسحاق يختار هذا القول ويستحسنه . قال : لأنه معنى قول أهل التفسير ، وزعم أن معنى " ثم لننزعن من كل شيعة " : ثم لننزعن من كل فرقة الأعتى فالأعتى . كأنه يبتدأ بالتعذيب بأشدهم عتيا ثم الذي يليه ، وهذا نص كلام أبي إسحاق في معنى الآية . وقال يونس : " لننزعن " بمنزلة الأفعال التي تلغى ورفع " أيهم " على الابتداء . المهدوي : والفعل هو " لننزعن " عند يونس معلق . قال أبو علي : معنى ذلك أنه يعمل في موضع " أيهم أشد " لا أنه ملغى . ولا يلعق عند الخليل وسيبويه مثل " لننزعن " إنما يعلق بأفعال الشك وشبهها ما لم يتحقق وقوعه . وقال سيبويه : " أيهم " مبني على الضم لأنها خالفت أخواتها في الحذف ؛ لأنك لو قلت : رأيت الذي أفضل ومن أفضل كان قبيحا ، حتى تقول من هو أفضل ، والحذف في " أيهم " جائز . قال أبو جعفر : وما علمت أحدا من النحويين إلا وقد خطأ سيبويه في هذا ، وسمعت أبا إسحاق يقول : ما يبين لي أن سيبويه غلط في كتابه إلا في موضعين هذا أحدهما ، قال وقد علمنا أن سيبويه أعرب أيا وهى مفردة لأنها تضاف ، فكيف يبنيها وهي مضافة ؟ ! ولم يذكر أبو إسحاق فيما علمت إلا هذه الثلاثة الأقوال . أبو علي : إنما وجب البناء على مذهب سيبويه ؛ لأنه حذف منه ما يتعرف به وهو الضمير مع افتقار إليه كما حذف في " من قبل ومن بعد " {[10913]} ما يتعرفان به مع افتقار المضاف إلى المضاف إليه ؛ لأن الصلة تبين الموصول وتوضحه ، كما أن المضاف إليه يبين المضاف ويخصصه . قال أبو جعفر : وفيه أربعة أقوال ، سوى هذه الثلاثة التي ذكرها أبو إسحاق قال الكسائي : " لننزعن " واقعة على المعنى ، كما تقول لبست من الثياب وأكلت من الطعام ، ولم يقع " لننزعن " على " أيهم " فينصبها . زاد المهدوي : وإنما الفعل عنده واقع على موضع " من كل شيعة " وقوله : " أيهم أشد " جملة مستأنفة مرتفعة بالابتداء ، ولا يرى سيبويه زيادة " من " في الواجب . وقال الفراء : المعنى ثم لننزعن بالنداء ، ومعنى " لننزعن " : لننادين . المهدوي : ونادى فعل يعلق إذا كان بعده جملة كظننت ، فتعمل في المعنى ولا تعمل في اللفظ . قال أبو جعفر : وحكى أبو بكر بن شقير أن بعض الكوفيين يقول في " أيهم " معنى الشرط والمجازاة ؛ فلذلك لم يعمل فيها ما قبلها ، والمعنى : ثم لننزعن من كل فرقة إن تشايعوا أو لم يتشايعوا ، كما تقول : ضربت القوم أيهم غضب ، والمعنى إن غضبوا أو لم يغضبوا ، قال أبو جعفر : فهذه ستة أقوال ، وسمعت علي بن سليمان يحكي عن محمد بن يزيد قال : " أيهم " متعلق " بشيعة " فهو مرفوع بالابتداء ، والمعنى : ثم لننزعن من الذين تشايعوا أيهم أي من الذين تعاونوا ، فنظروا أيهم أشد على الرحمن عتيان وهذا قول حسن ، وقد حكى الكسائي أن التشايع التعاون و " عتيا " نصب على البيان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.