مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمۡ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحۡمَٰنِ عِتِيّٗا} (69)

وثالثها : قوله : { ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا } والمراد بالشيعة وهي فعلة كفرقة وفئة الطائفة التي شاعت أي تبعت غاويا من الغواة قال تعالى : { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا } والمراد أنه تعالى يحضرهم أولا حول جهنم جثيا ثم يميز البعض من البعض فمن كان أشدهم تمردا في كفره خص بعذاب أعظم لأن عذاب الضال المضل يجب أن يكون فوق عذاب من يضل تبعا لغيره ، وليس عذاب من يتمرد ويتجبر كعذاب المقلد وليس عذاب من يورد الشبه في الباطل كعذاب من يقتدي به مع الغفلة قال تعالى : { الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون } . وقال : { وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم } فبين تعالى أنه ينزع من كل فرقة من كان أشد عتوا وأشد تمردا ليعلم أن عذابه أشد ، ففائدة هذا التمييز التخصيص بشدة العذاب لا التخصيص بأصل العذاب ، فلذلك قال في جميعهم : { ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا } ولا يقال أولى إلا مع اشتراك القوم في العذاب ، واختلفوا في إعراب أيهم فعن الخليل أنه مرتفع على الحكاية تقديره لننزعن الذين يقال فيهم أيهم أشد وسيبويه على أنه مبني على الضم لسقوط صدر الجملة التي هي صلة حتى لو جيء به لأعرب وقيل أيهم هو أشد .