مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَإِن مِّنكُمۡ إِلَّا وَارِدُهَاۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتۡمٗا مَّقۡضِيّٗا} (71)

{ وَإِن مّنكُمْ } أحد { إِلاَّ وَارِدُهَا } داخلها والمراد النار والورود : الدخول عند علي وابن عباس رضي الله عنهم وعليه جمهور أهل السنة لقوله تعالى : { فأوردهم النار } [ هود : 98 ] ولقوله تعالى { لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها } [ الأنبياء : 99 ] ولقوله { ثم تنجى الذين اتقوا } إذ النجاة إنما تكون بعد الدخول لقوله عليه السلام : " الورود الدخول لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمنين برداً وسلاماً كما كانت على إبراهيم وتقول النار للمؤمن : جز يا مؤمن فإن نورك أطفأ لهبي " وقيل : الورود بمعنى الدخول لكنه يختص بالكفار لقراءة ابن عباس { وإن منهم } وتحمل القراءة المشهورة على الإلتفات . وعن عبد الله : الورود الحضور لقوله تعالى : { ولما ورد ماء مدين } [ القصص : 23 ] وقوله { أولئك عنها مبعدون } [ الأنبياء : 101 ] وأجيب عنه بأن المراد عن عذابها . وعن الحسن وقتادة : الورود المرور على الصراط لأن الصراط ممدود عليها فيسلم أهل الجنة ويتقاذف أهل النار . وعن مجاهد : ورود المؤمن النار هو مس الحمى جسده في الدنيا لقوله عليه السلام : " الحمى حظ كل مؤمن من النار " وقال رجل من الصحابة لآخر : أيقنت بالورود ؟ قال : نعم . قال : وأيقنت بالصدر ؟ قال : لا . قال : ففيم الضحك وفيم التثاقل ؟ { كَانَ على رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } أي كان ورودهم واجباً كائناً محتوماً والحتم مصدر حتم الأمر إذا أوجبه فسمى به الموجب كقولهم «ضرب الأمير » .