مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَا فِي كُلِّ قَرۡيَةٍ أَكَٰبِرَ مُجۡرِمِيهَا لِيَمۡكُرُواْ فِيهَاۖ وَمَا يَمۡكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ} (123)

{ وكذلك } أي وكما جعلنا في مكة صناديدها ليمكروا الناس فيها { جَعَلْنَا } صيرنا { فِي كُلّ قَرْيَةٍ أكابر مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا } ليتجبروا على الناس فيها ويعملوا بالمعاصي . واللام على ظاهرها عند أهل السنة وليست بلام العاقبة ، وخص الأكابر وهم الرؤساء لأن ما فيهم من الرياسة والسعة أدعى لهم إلى المكر والكفر من غيرهم ، دليله { وَلَوْ بَسَطَ الله الرزق لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي الأرض } [ الشورى : 27 ] ثم سلى رسوله عليه السلام ووعد له النصرة بقوله { وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ } لأن مكرهم يحيق بهم { وَمَا يَشْعُرُونَ } أنه يحيق بهم { أكابر } مفعول أول والثاني { فِي كُلِّ قَرْيَةٍ } و { مُجْرِمِيهَا } بدل من { أكابر } أو الأول { مُجْرِمِيهَا } والثاني { أكابر } والتقدير : مجرميها أكابر .