غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَا فِي كُلِّ قَرۡيَةٍ أَكَٰبِرَ مُجۡرِمِيهَا لِيَمۡكُرُواْ فِيهَاۖ وَمَا يَمۡكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ} (123)

122

{ وكذلك جعلنا } أي وكما جعلنا في مكة صناديدها ليمكروا فيها كذلك جعلنا ، أو وكما زينا للكافرين أعمالهم كذلك جعلنا { في كل قرية أكابر } وهي جمع الأكبر و{ مجرميها } مضاف إليه والظرف مفعول ثانٍ قدم ليعود الضمير إلى القرية . وقيل : التقدير جعلنا مجرميها أكابر . قال الزجاج : إنما جعل المجرمين أكابر لأنهم لأجل رياستهم أقدر على الغدر والمكر وترويج الأباطيل على الناس من غيرهم ، ولأن كثرة المال وقوّة الجاه تحمل الناس على المبالغة في حفظهما وذلك لا يتم إلا باستعمال بعض الأخلاق الذميمة من المكر والغدر والكذب والغيبة والنميمة والشح والأيمان الكاذبة وكفى بهذه الأمور دليلاً على خساسة المال والجاه . واللام في { ليمكروا } على أصله عند الأشاعرة ، واستدلوا به على أن الشر بإرادة الله تعالى . وحمله المعتزلة على لام العاقبة مجازاً حملوا الجعل في قوله : { وكذلك جعلنا } على التخلية والخذلان . ثم قال في معرض التهديد { وما يمكرون إلا بأنفسهم } لأن وباله يعود عليهم { وما يشعرون } وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وآله وتقديم موعد بالنصرة .

/خ130