محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَلِيَعۡلَمَ ٱلَّذِينَ نَافَقُواْۚ وَقِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ قَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوِ ٱدۡفَعُواْۖ قَالُواْ لَوۡ نَعۡلَمُ قِتَالٗا لَّٱتَّبَعۡنَٰكُمۡۗ هُمۡ لِلۡكُفۡرِ يَوۡمَئِذٍ أَقۡرَبُ مِنۡهُمۡ لِلۡإِيمَٰنِۚ يَقُولُونَ بِأَفۡوَٰهِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا يَكۡتُمُونَ} (167)

( وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون167 ) .

( وليعلم الذين نافقوا ) أي ليعلم المؤمنين من المنافقين علم عيان ورؤية يتميز فيه أحد الفريقين من الآخر تميزا ظاهرا ( وقيل لهم ) عطف على ( نافقوا ) داخل معه في حيز الصلة . أو كلام مبتدأ ( تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا ) يعني إن لم تقاتلوا لوجه الله تعالى فقاتلوا دفعا عن أنفسكم وأموالكم ( قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم ) أي لكنه ليس إلا إلقاء النفس في التهلكة ( هم ) أي بهذا القول ( للكفر ) في الظاهر ( يومئذ أقرب منهم للإيمان ) في الظاهر مع أنه لا إيمان لهم في الباطن أصلا .

فائدتان :

الأولى- قال ابن كثير : استدلوا به على أن الشخص قد تتقلب به الأحوال ، فيكون في حال أقرب إلى الكفر ، وفي حال أقرب إلى الإيمان .

الثانية- قال الواحدي : هذه الآية دليل على أن من أتى بكلمة التوحيد لم يكفر ، ولم يطلق القول بتكفيره . لأنه تعالى لم يطلق القول بكفرهم ، مع أنهم كانوا كافرين ، لإظهارهم القول بلا اله إلا الله محمد رسول الله –انتهى- .

( يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم ) أي يظهرون خلاف ما يضمرونه ، لا تواطئ قلوبهم ألسنتهم بالإيمان ، وقوله : ( بأفواههم ) تأكيد على حد : ( ولا طائر يطير بجناحيه ) . ( والله أعلم بما يكتمون ) .