محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ} (173)

قال ابن هشام : ولما ثنى معبد أبا سفيان ومن معه ، كما تقدم ، مر بأبي سفيان ركب من عبد القيس ، فقال : أين تريدون ؟ / قالوا : نريد المدينة ، قال : ولم ؟ قالوا : نريد الميرة ، قال : فهل أنتم مبلغون عني محمدا رسالة أرسلكم بها إليه ، وأحمل لكم هذه غدا زبيبا بعكاظ إذا وافيتمونا ؟ قالوا : نعم ، قال : فإذا وافيتموه فأخبروه أنا قد جمعنا المسير إليه والى أصحابه لنستأصل بقيتهم ، فمر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الأسد ، فأخبروه بالذي قال أبو سفيان وأصحابه ، فقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ، فأنزل الله تعالى في ذلك :

173

( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل173 ) .

( الذين قال لهم الناس ) أي الركب المستقبل لهم ( إن الناس ) أي أبا سفيان وأصحابه ( قد جمعوا لكم ) أي الجموع ليستأصلوكم ( فاخشوهم ) ولا تأتوهم ( فزادهم ) أي ذلك القول ( إيمانا ) أي تصديقا بالله ويقينا . والمعنى : أنهم لم يلتفتوا إليه ولم يضعفوا ، بل ثبت به عزمهم على طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما يأمر به وينهى عنه . وفي الآية دليل على أن الإيمان يتفاوت زيادة ونقصانا ، فان ازدياد اليقين بتناصر الحجج ، وكثرة التأمل ، مما لا ريب فيه ( وقالوا حسبنا الله ) أي كافينا أمرهم من غير عدة لنا ولا عدد ( ونعم الوكيل ) أي الموكول إليه والمفوض إليه الأمر .