محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{رَحۡمَةٗ مِّن رَّبِّكَۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (6)

رحمة من ربك } أي مرسلين إلى الناس رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آيات الله ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ، رحمة منه تعالى بهم ، لمسيس الحاجة إليه . كما قال تعالى :{[1]} { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } وجوز كون { رحمة } علة للإنزال . أي رحمة تامة كاملة على العالمين بإنزاله ، لاستقامة أمورهم الدينية والدنيوية ، وصلاح معاشهم ومعادهم ، وظهور الخير والكمال والبركة والرشاد فيهم بسببه . والوجه هو الأول . وهو كونه غاية للإرسال . لإفصاح تلك الآية عنه { إنه هو السميع } أي لدعوة حقائق الأشياء بمقتضياتها { العليم } أي بمقادير قابلياتها ، فلا يبعد عليه الإرسال والإنزال . قاله المهايميّ . وقال القاشانيّ : أي : السميع لأقوالهم المختلفة في الأمور الدينية الصادرة عن أهوائهم ، { العليم } أي بعقائدهم الباطلة وآرائهم الفاسدة وأمورهم المختلة ومعايشهم غير المنتظمة . فلذلك رحمهم بإرسال الرسول الهادي إلى الحق في أمر الدين . الناظم لمصالحهم في أمر الدنيا ، المرشد إلى الصواب فيهما ، بتوضيح الصراط المستقيم ، وتحقيق التوحيد بالبرهان ، وتفنين الشرائع وسنن الأحكام لضبط النظام .


[1]:(4 النساء 15 و 16).