وتسمى سورة ( الباسقات ) . وهي مكية بالإجماع . وآيها خمس وأربعون آية .
قال ابن كثير : وهذه السورة هي أول الحزب المفصل على الصحيح ، وقيل : من الحجرات . وأما ما يقوله العوام أنه من ( عمّ ) فلا أصل له ، ولم يقله أحد من العلماء المعتبرين فيما نعلم . والدليل على ما رواه أوس بن حذيفة قال : سألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يحزبون القرآن ؟ فقالوا : ثلاث ، وخمس ، وسبع ، وتسع ، وإحدى عشرة ، وثلاث عشرة ، وحزب المفصل وحده . فإذا عددت ثمانيا وأربعين سورة فالتي بعدهن سورة ( ق ) بيانه :
ثلاث : البقرة وآل عمران والنساء .
وخمس : المائدة والأنعام والأعراف والأنفال وبراءة .
وسبع : يونس وهود ويوسف والرعد وإبراهيم والحجر والنحل .
وتسع : سبحان والكهف ومريم وطه والأنبياء والحج والمؤمنون والنور والفرقان .
وإحدى عشرة : الشعراء والنمل والقصص والعنكبوت والروم ولقمان وألم السجدة وسبأ وفاطر ويس .
وثلاث عشرة : الصافات وص والزمر وغافر وحم السجدة وحم عسق والزخرف والدخان والجاثية والأحقاف والقتال والفتح والحجرات .
/ ثم بعد ذلك الحزب المفصل ، كما قاله الصحابة رضي الله عنهم ، فتعيّن أن أوّله سورة ( ق ) .
وروى الإمام أحمد{[1]} ومسلم{[2]} وأهل ( السنن ) ( أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثيّ : ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيد ؟ قال : ب ( ق ) و ( اقتربت ) ) .
وروى مسلم{[3]} وغيره ، عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان قالت : ( ما حفظت ( ق ) إلا من رسول الله صلى الله عليه وسلم . كان يخطب بها كل جمعة . وفي رواية : كان يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس ) . والقصد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بهذه السورة في المجامع الكبار ، كالعيد والجمع ، لاشتمالها على ابتداء الخلق والبعث والنشور والمعاد والقيام والحساب والجنة والنار والثواب والعقاب والترغيب والترهيب . انتهى .
{ ق } هو حرف من حروف التهجي المفتتح بها أوائل السور ، مثل : ص ، ون ، والم ، وحم ، ونحوها . علم على السورة ، على الصحيح من أقوال ، كما تقدم مرارا .
قال ابن كثير : روي عن بعض السلف أنهم قالوا : ( ق ) جبل محيط بجميع الأرض ، يقال له ( جبل قاف ( . وكأن هذا – والله أعلم – من خرافات بني إسرائيل التي أخذها عنهم بعض الناس ، لما رأى من جواز الرواية عنهم ، مما لا يصدّق ولا يكذّب . وعندي أن هذا وأمثاله من اختلاق بعض زنادقتهم ، يلبسون به على الناس أمر دينهم ، كما افتُرِيَ في هذه الأمة ، مع جلالة قدر علمائها وحفاظها وأئمتها ، أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وما بالعهد من قدم . فكيف بأمة بني إسرائيل ، مع طول المدى ، وقلة الحفّاظ والنقاد فيهم ، وشربهم الخمور ، وتحريف علمائهم الكلم عن مواضعه ، وتبديل كتب الله وآياته ؟ وإنما أباح الشارع الرواية عنهم في قوله :{[6714]} ( وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ) فيما قد يجوّزه العقل . فأما فيما تحيله العقول ، ويحكم فيه بالبطلان ، ويغلب على الظنون كذبه ، فليس من هذا القبيل .
وقد أكثر كثير من السلف المفسرين ، وكذا طائفة كثيرة من الخلف ، من الحكاية عن كتب أهل الكتاب ، تفسير القرآن المجيد ، وليس بهم احتياج إلى أخبارهم ، ولله الحمد والمنة .
/ ثم ردّ ابن كثير ، رحمه الله ، ما قيل من أن المراد من ( ق ) قضى الأمر والله ! كقول الشاعر :{[6715]}
أي : إني واقفة ، بأن في هذا نظرا ، لأن الحذف في الكلام إنما يكون إذا دل دليل عليه ومن أين يفهم هذا من ذكر هذا الحرف . انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.