محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{۞إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَسۡتَـٔۡذِنُونَكَ وَهُمۡ أَغۡنِيَآءُۚ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلۡخَوَالِفِ وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (93)

ثم رد تعالى الملامة على المستأذنين في القعود وهم أغنياء ، بقوله :

[ 93 ] { إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون 93 } .

{ إنما السبيل } أي بالعتاب والعقاب { على الذين يستأذنوك وهم أغنياء } أي قادرون على تحصيل الأهبة { رضوا بأن يكونوا مع الخوالف } أي من النساء والصبيان وسائر أصناف العاجزين . أي رضوا بالدناءة والضعة والانتظام في جملة الخوالف . قال المهايميّ : وهذا الرضا ، كما هو سبب العتاب ، فهو أيضا سبب العقاب ، لأنه لما كان عن قلة مبالاتهم بالله ، غضب الله عليهم { وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون } أي ما يترتب عليه من المصائب الدينية والدنيوية ، أو لا يعلمون أمر الله فلا يصدقون .

/ لطيفة :

قال الشهاب : اعلم أن قولهم : ( لا سبيل عليه ) معناه : لا حرج ولا عتاب ، وأنه بمعنى لا عاتب يمر عليه ، فضلا عن العتاب ، وإذا تعدى ب ( إلى ) كقوله {[4616]} :

ألا ليت شعري هل إلى أم سالم *** سبيل ؟ فأمّا الصبر عنها فلا صبر

فبمعنى الوصول كما قال{[4617]} :

هل من سبيل إلى خمر فأشربها *** أم من سبيل إلى نصر بن حجّاج

ونحوه ، فتنبه لمواطن استعماله ، فإنه من مهمات الفصاحة – انتهى- .


[4616]:البيت من شواهد الكتاب (ج 1 ص 193) ونصه فيه: ألا ليت شعري هل إلى أم معمر سبيل، فأما الصبر عنها فلا صبرا قال الشنتمريّ: الشاهد فيه نصب (الصبر) على المفعول له. والتقدير: مهما ذكرت للصبر، ومن أجله فلا صبر لي. ولو رفع بالابتداء لكان حسنا (كرواية المؤلف) وكان يكون التقدير: فأما الصبر عنها فلا صبر لي به، أي لا أحتمله.
[4617]:انظر القصة في ص 140 من الجزء الخامس من كتاب (رغبة الآمل من كتاب الكامل).