اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{۞إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَسۡتَـٔۡذِنُونَكَ وَهُمۡ أَغۡنِيَآءُۚ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلۡخَوَالِفِ وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (93)

ولمَّا قال تعالى : { مَا عَلَى المحسنين مِن سَبِيلٍ } قال في هذه الآية : { إِنَّمَا السبيل عَلَى الذين يَسْتَأْذِنُونَكَ } في التخلف : " وهُمْ أغنِيَاءُ " .

قوله : " . . . رضُوا " فيه وجهان :

أحدهما : أنَّهُ مستأنفٌ ، كأنَّهُ قال قائلٌ : ما بالهم استأذنوا في القعودِ ، وهُم قادرُون على الجهادِ ؟ فأجيب بقوله : { رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الخوالف } ، وإليه مال الزمخشريُّ .

والثاني : أنَّه في محلِّ نصب على الحالِ ، و " قَدْ " مقدَّرةٌ في قول . وتقدَّم الكلام في : " الخَوالفِ " . " وطبعَ اللهُ على قُلوبِهِمْ " قوله : " وطبعَ " نسقٌ على " رَضُوا " تنبيهاً على أنَّ السَّبب في تخلُّفهم رضاهم بقُعُودهم ، وطبعُ الله على قلوبهم ، وقوله : " إنَّما السَّبيلُ على " فأتَى ب " عَلَى " ، وإن كان قد يصلُ ب " إلَى " ؛ لأنَّ " عَلى " تدلُّ على الاستعلاء ، وقلة منعة من تدخل عليه ، نحو : لي سبيل عليك ، ولا سبيل لي عليك ، بخلاف " إلى " فإذا قلت : لا سبيل عليك ، فهو مُغايرٌ لقولك : لا سبيل إليك ، ومن مجيء " إلَى " معه قوله : [ الطويل ]

ألاَ ليْتَ شِعْرِي هَلْ إلى أمِّ سالمٍ *** سبيلٌ ؟ فأمَّا الصَّبْرُ عَنْهَا فلا صَبْرَا{[18048]}

وقول الآخر : [ البسيط ]

هَل مِنْ سبيلٍ إلى خَمْرٍ فأشْربهَا *** أمْ مِنْ سبيلٍ إلى نصْرِ بنِ حجَّاجِ{[18049]}


[18048]:تقدم.
[18049]:البيت لفريعة بنت همام ينظر شرح المفصل لابن يعيش (7/27)، البحر 5/92 الخزانة 4/80، 88 حاشية الشهاب 4/355، الدر المصون 3/494، ولسان العرب (منى)، سر صناعة الإعراب ص 271.