الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{۞إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَسۡتَـٔۡذِنُونَكَ وَهُمۡ أَغۡنِيَآءُۚ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلۡخَوَالِفِ وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (93)

قولُه تعالى : { رَضُواْ } : فيه وجهان ، أحدهما : أنه مستأنفٌ كأنه قال قائل : ما بالُهم استأذنوا في القعود وهم قادرون على الجهاد ؟ فَأُجيب بقوله " رَضُوا بأن يكونوا مع الخوالِفِ " . وإليه مال الزمخشري . والثاني : أنه في محل نصبٍ على الحال و " قد " مقدرةٌ في قوله [ " رَضُوا " ] .

وقوله : { وَطُبَعَ } نسقٌ على " رضُوا " تنبيهاً على أن السببَ في تخلُّفهم رضاهم بقعودهم وطَبْعُ الله على قلوبهم .

وقوله { إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلى } فأتى ب " على " وإن كان قد يَصِل ب " إلى " لفَرْقٍ ذكروه : وهو أنَّ " على " تدل على الاستعلاء وقلة مَنَعَة مَنْ تدخل عليه نحو : لي سبيل عليك ، ولا سبيلَ لي عليك ، بخلافِ " إلى " . فإذا قلت : " لا سبيل عليك " فهو مغايرٌ لقولِك : لا سبيلَ إليك . ومن مجيء " إلى " معه ، قوله :

2533 ألا ليت شِعْري هل إلى أمِّ سالمٍ *** سبيلٌ فأمَّا الصبرُ عنها فلا صبرا

وقوله :

2534 هل من سبيلٍ إلى خَمْرٍ فأشربَها *** أم من سبيل إلى نَصْرِ بن حَجَّاجِ