تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (10)

الأخوة : في النسب ، وقد جعلت الأخوة في الدين كالأخوة في النسب . والإخوان : في الصداقة .

إنما المؤمنون بالله ورسوله إخوةٌ جَمَعَ الإيمانُ بين قلوبهم ووحّدهم . وفي الحديث الصحيح : « المسلم أخو المسلم لا يظلمه ، ولا يُسْلمه ، ولا يَعيبُه ، ولا يخذُله » فأصلحوا بين أخويكم رعايةً لأخوة الإيمان ، { واتقوا الله لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } واجعلوا لأنفسكم وقاية من عذاب الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه حتى يرحمكم ، لتكونوا إخوة على الحب والسلام والتعاون والوحدة في مجتمعكم ، وبذلك تكونون أقوياء أعزاء تحت راية الإسلام .

فإن قاتلَ جماعة المؤمنين الفئةَ التي لم تقبل الصلح ، فإنه لا يجوز أن يُجهز على جريح ، ولا يقتل أسير ، ولا يجوز أن يُتعقّب من هرب وترك المعركة ، ولا تؤخذ أموال البغاة غنيمة ، لأن الغرضَ من قتالهم ردُّهم إلى صفّ المؤمنين ، وضمُّهم إلى لواء الأخوّة الإسلامية .

قراءات :

قرأ يعقوب : فأصلحوا بين إخوتكم ، بالجمع . والباقون : بين أخَويكم بالتثنية .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (10)

{ إِنَّمَا المؤمنون إِخْوَةٌ } استئناف مقرر لما قبله من الأمر بالإصلاح ، وإطلاق الأخوة على المؤمنين من باب التشبيه البليغ وشبهوا بالأخوة من حيث انتسابهم إلى أصل واحد وهو الإيمان الموجب للحياة الأبدية ، وجوز أن يكون هناك استعارة وتشبه المشاركة في الإيمانب المشاركة في أصل التوالد لأن كلاً منهما أصل للبقاء إذ التوالد منشأ الحياة والإيمان منشأ البقاء الأبدي في الجنان ، والفاء في قوله تعالى : { فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } للإيذان بأن الأخوة الدينية موجبة للإصلاح ، ووضع الظاهر موضع الضمير مضافاً للمأمورين للمبالغة في تأكيد وجوب الإصلاح والتحضيض عليه ، وتخصيص الاثنين بالذكر لإثبات وجوب الإصلاح فيما فوق ذلك بطريق الأولوية لتضاعف الفتنة والفساد فيه ، وقيل : المراد بالأخوين الأوس . والخزرج اللتان نزلت فيهما الآية سمي كلاً منهما أخاً لاجتماعهم في الجد الأعلى . وقرأ زيد بن ثابت . وابن مسعود . والحسن بخلاف عنه { إخوانكم } جمعاً على وزن غلمان .

وقرأ ابن سيرين { أخواتكم } جمعاً على وزن غلمة ، وروى عبد الوارث عن أبي عمرو القراآت الثلاث ، قال أبو الفتح : وقراءة الجمع تدل على أن قراءة الجمهور لفظها لفظ التثنية ومعناها الجماعة أي كل اثنين فصاعداً من المسلمين اقتتلا ، والإضافة لمعنى الجنس نحو لبيك وسعديك ، ويغلب الاخوان في الصداقة والأخوة في النسب وقد يستعمل كل منهما مكان الآخر { واتقوا الله } في كل ما تأتون وما تذرون من الأمور التي من جملتها ما أمرتم به من الإصلاح ، والظاهر أن هذا عطف على { فَأَصْلِحُواْ } وقال الطيبي : هو تذييل للكلام كأنه قيل : هذا الإصلاح من جملة التقوى فإذا فعلتم التقوى دخل فيه هذا التواصل ، ويجوز أن يكون عطفاً على { فَأَصْلِحُواْ } أي واصلوا بين أخويكم بالصلح واحذروا الله تعالى من أن تتهاونوا فيه { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } أي لأجل أن ترحموا على تقواكم أو راجين أن ترحموا عليها .

ومن باب الإشارة : { إِنَّمَا المؤمنون إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } [ الحجرات : 10 ] إشارة إلى رعاية حق الأخوة الدينية ومنشأ نطفها صلب النبوة وحقيقتها نور الله تعالى فإصلاح ذات بينهم برفع حجب استار البشرية عن وجوه القلوب ليتصل النور بالنور من روزنة القلب فيصيروا كنفس واحدة