تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلَّذِيٓ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلۡمُقَامَةِ مِن فَضۡلِهِۦ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٞ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٞ} (35)

الآية 35 وقوله تعالى : { الذي أحلّنا دار المقامة من فضله } [ سمّى الجنة ]{[17307]} دار المقامة لما [ لا ]{[17308]} يتمنى التحوّل منها ولا الانتقال { لا يبغون عنها حِولاً } [ الكهف : 108 ] .

وقوله تعالى : { لا يمُسّنا فيها نصب ولا يمسّنا فيها لغوب } ليس من صاحب نعمة في هذه الدنيا ، وإن عظُمت إلا وهو يمل منها ، ويسأم ، ويتمنى التحوّل منها والانتقال . وكذلك ليس من لذة وإن حلّت في هذه الدنيا إلا وهي تُعقَب بآفة . فأخبر أن نعيم [ الآخرة ]{[17309]} ولذاتها مما لا يُتمنّى ، ولا يُبتغى التحول منها ، ولا لذتها [ تعقبها آفة ، فلا تعب ]{[17310]} ولا إعياء .

وجائز أن يكون قوله : { لا يمسّنا فيها نصب ولا يمسّنا فيها لغوب } وذلك أن من حل بقرابته وبالمتصلين بشيء في هذه الدنيا من آفاتها يهتم لذلك ، ويتكلّف دفع ذلك عنهم . فأخبر أنهم إذا حلّوا في دار المقامة لا يهيبهم شيء من ذلك ، والله أعلم .

وقال بعضهم في قوله : { إنه غفور شكور } [ فاطر : 30 ] شكر لهم ما كان [ منهم إليه ]{[17311]} وغفر لهم ما كان منهم من ذنب . وفي حديث رُفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : { إن ربنا لغفور شكور } قال : ( شكر الله للمؤمن اليسير من الحسنات ، وغفر له الذنوب العظام ) .

والنصب الأذى . ويقال : اللّغب واللّغوب التعب .


[17307]:من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل وم.
[17308]:من م، ساقطة من الأصل.
[17309]:ساقطة من الأصل وم.
[17310]:في الأصل وم: تعقب آفة ولا تعبًا ولا إعياء.
[17311]:في الأصل وم: منه إليهم.