تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{قُتِلَ ٱلۡإِنسَٰنُ مَآ أَكۡفَرَهُۥ} (17)

قُتل الإنسان : كلمة تقال للدعاء عليه بالعذاب .

بعد أن ذكر القرآن الكريم على أنه كتابُ موعظةٍ وذكرى وهدى للناس ، يبين الله تعالى هنا جحودَ الإنسان وكفرَه الفاحشَ ولا سيّما أولئك الذين أُوتوا سَعةً من الرزق . ثم يذكّره بمصدر حياته ووجودِه ، وأصلِ نشْأتِه ، وكيف يسَّر له السبيلَ في حياته ثم تولى موتَه وبعثَه . ثم بعد ذلك ينعى على الإنسان تقصيره في أمره ، وأنه لا يؤدي ما عليه لخالِقِه ، فيقول :

{ قُتِلَ الإنسان مَآ أَكْفَرَهُ . . . . } .

هذه جملةُ دعاءٍ على كل جاحِد ، والمرادُ بيانُ قُبحِ حالِه وتمرُّده وتكبُّره ، فما أشدَّ كفره مع إحسان الله إليه ! والحقُّ أن الإنسانَ قد بلغ في كفره بالنعمة الإلهية مبلغاً يقضي بالعجب ، فإنه بعد ما رأى في نفسِه من آيات الله ، وبعد أن مضى عليه تلك السّنون الطوال في الأرض ، والتي شاهد فيها ما في هذا الكون الواسع العجيب من شواهدَ وأدلّة ونظام بديع ،

لا يزال يجحَدُ أنعم الله عليه ولا يشكرها . إن الله تعالى لم يدَعِ الإنسان سُدى ، فقد أرسل إليه الهداةَ إثر الهداة ، غير أن الإنسان ظلّ سادراً في ضلاله ، مغروراً بهذه الحياة الدنيا وما فيها من نعيم زائل .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{قُتِلَ ٱلۡإِنسَٰنُ مَآ أَكۡفَرَهُۥ} (17)

قوله تعالى : " قتل الإنسان ما أكفره " ؟ " قتل " أي لعن . وقيل : عذب . والإنسان الكافر . روى الأعمش عن مجاهد قال : ما كان في القرآن " قتل الإنسان " فإنما عني به الكافر . وروى الضحاك عن ابن عباس قال : نزلت في عتبة بن أبي لهب ، وكان قد أمن ، فلما نزلت " والنجم " ارتد ، وقال : آمنت بالقرآن كله إلا النجم ، فأنزل الله جل ثناؤه فيه " قتل الإنسان " أي لعن عتبة حيث كفر بالقرآن ، ودعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : [ اللهم سلط عليه كلبك أسد الغاضرة{[15805]} ] فخرج من فوره بتجارة إلى الشام ، فلما انتهى إلى الغاضرة تذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، فجعل لمن معه ألف دينار إن هو أصبح حيا ، فجعلوه في وسط الرفقة ، وجعلوا المتاع حوله ، فبينما هم على ذلك أقبل الأسد ، فلما دنا من الرحال وثب ، فإذا هو فوقه فمزقه ، وقد كان أبوه ندبه وبكى وقال : ما قال محمد شيئا قط إلا كان . وروى أبو صالح عن ابن عباس " ما أكفره " : أي شيء أكفره ؟ وقيل : " ما " تعجب ، وعادة العرب إذا تعجبوا من شيء قالوا : قاتله الله ما أحسنه ! وأخزاه الله ما أظلمه ، والمعنى : اعجبوا من كفر الإنسان لجميع ما ذكرنا بعد هذا . وقيل : ما أكفره بالله ونعمه مع معرفته بكثرة إحسانه إليه على التعجب أيضا . قال ابن جريج : أي ما أشد كفره ! وقيل : " ما " استفهام أي : أي شيء دعاه إلى الكفر ، فهو استفهام توبيخ . و " ما " تحتمل التعجب ، وتحتمل معنى أي ، فتكون استفهاما .


[15805]:كذا لفظ الحديث في الأصول ورواية أبي حيان له: "اللهم ابعث عليه كلبك يأكله"، ثم قال: فلما انتهى إلى الغاضرة . . . الخ.
 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{قُتِلَ ٱلۡإِنسَٰنُ مَآ أَكۡفَرَهُۥ} (17)

{ قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ( 17 ) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ( 18 ) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ( 19 ) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ( 20 ) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ( 21 ) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ ( 22 ) كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ ( 23 ) }

لُعِنَ الإنسان الكافر وعُذِّب ، ما أشدَّ كفره بربه ! !