وأتى بأداة العرض الدالة على أن هذا أمر يرغب فيه كل متبصر ، ويسمو إليه كل لبيب ، فكأنه قيل : ما هذه التجارة التي هذا قدرها ؟ فقال { تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ } .
ومن المعلوم أن الإيمان التام هو التصديق الجازم بما أمر الله بالتصديق به ، المستلزم لأعمال الجوارح ، ومن أجل أعمال الجوارح الجهاد في سبيل الله{[1081]} فلهذا قال : { وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ } بأن تبذلوا نفوسكم ومهجكم ، لمصادمة أعداء الإسلام ، والقصد نصر دين الله وإعلاء كلمته ، وتنفقون ما تيسر من أموالكم في ذلك المطلوب ، فإن ذلك ، ولو{[1082]} كان كريها للنفوس شاقا عليها ، فإنه { خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } فإن فيه الخير الدنيوي ، من النصر على الأعداء ، والعز المنافي للذل والرزق الواسع ، وسعة الصدر وانشراحه . وفي الآخرة الفوز{[1083]} بثواب الله والنجاة من عقابه ، ولهذا ذكر الجزاء في الآخرة ، فقال :
الثالثة- ثم بين التجارة فقال : { تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم } ذكر الأموال أولا لأنها التي يبدأ بها في الإنفاق . { ذلكم } أي هذا الفعل { خير لكم إن كنتم تعلمون } خير لكم من أموالكم وأنفسكم ، { إن كنتم تعلمون } ، و{ تؤمنون } عند المبرد والزجاج في معنى آمنوا ، ولذلك جاء { يغفر لكم } مجزوما على أنه جواب الأمر ، وفي قراءة عبدالله " آمنوا بالله " .
قوله : { تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم } فالتجارة القويمة الرابحة التي تفضي إلى التنجيه من العذاب يوم القيامة لهي الإيمان بالله إلها واحدا مقتدرا ، وبرسوله الأمين ، مبعوثا للعالمين ، والجهاد بالمال والنفس لقتال الظالمين المعتدين ، من أجل إحقاق الحق وإزهاق الباطل ودفع الشر والعدوان عن البشرية .
قوله : { ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون } الإشارة عائدة إلى ما ذكر من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله بالمال والنفس . وذلك ، في موضع رفع مبتدأ وخبره ، { خير لكم } يعني هذا الذي أشير إليه خير لكم وأنفع وأدوم ، { إن كنتم تعلمون } فإن كنتم من أهل التفكر والبصر فأنتم موقنون بذلك ، وإن كنتم من أهل العماية والضلال وانغلاق البصيرة فإنكم لا توقنون بما ذكر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.