تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَجَآءَتۡ سَكۡرَةُ ٱلۡمَوۡتِ بِٱلۡحَقِّۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنۡهُ تَحِيدُ} (19)

سكرة الموت : شدّته .

تَحيد : تميل .

ثم بعد ذلك يبين الله تعالى أن الإنسانَ عند الموت ينكشفُ له كل شيء فقال :

{ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ } .

ومعنى ذلك أن النفسَ وهي في سكرات الموت ترى الحقَّ كاملاً واضحاً ، تراه بلا حجاب في تلك الساعة ، وتدرك ما كانت تجهل ، وهو الحق الذي كنتَ تفرّ منه أيها الكافر ، ها قد جاءك فلا حيدَ عنه ولا مناص .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَجَآءَتۡ سَكۡرَةُ ٱلۡمَوۡتِ بِٱلۡحَقِّۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنۡهُ تَحِيدُ} (19)

{ 19-22 } { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ }

أي { وَجَاءَتْ } هذا الغافل المكذب بآيات الله { سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ } الذي لا مرد له ولا مناص ، { ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ } أي : تتأخر وتنكص{[826]}  عنه .


[826]:- كذا في ب، وفي أ: تحيد.
 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَجَآءَتۡ سَكۡرَةُ ٱلۡمَوۡتِ بِٱلۡحَقِّۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنۡهُ تَحِيدُ} (19)

{ وجاءت سكرة الموت } أي غمرته وشدته { بالحق } أي من أمر الآخرة حتى يراه الإنسان عيانا { ذلك ما كنت منه تحيد } أي تهرب وتروغ يعني الموت

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَجَآءَتۡ سَكۡرَةُ ٱلۡمَوۡتِ بِٱلۡحَقِّۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنۡهُ تَحِيدُ} (19)

قوله تعالى : " وجاءت سكرة الموت بالحق " أي غمرته شدته ، فالإنسان ما دام حيا تكتب عليه أقوال وأفعال ليحاسب عليها ، ثم يجيئه الموت وهو ما يراه عند المعاينة من ظهور الحق فيما كان الله تعالى وعده وأوعده . وقيل : الحق هو الموت سمي حقا إما لاستحقاقه وإما لانتقاله إلي دار الحق ، فعلى هذا يكون في الكلام تقديم وتأخير ، وتقديره وجاءت سكرة الحق بالموت ، وكذلك في قراءة أبي بكر وابن مسعود رضي الله عنهما ؛ لأن السكرة هي الحق فأضيفت إلى نفسها لاختلاف اللفظين . وقيل : يجوز أن يكون الحق على هذه القراءة هو الله تعالى ، أي جاءت سكرة أمر الله تعالى بالموت . وقيل : الحق هو الموت والمعنى وجاءت سكرة الموت بالموت ، ذكره المهدوي . وقد زعم من طعن على القرآن فقال : أخالف المصحف كما خالف أبو بكر الصديق فقرأ : وجاءت سكرة الحق بالموت . فاحتج عليه بأن أبا بكر رويت عنه روايتان : إحداهما موافقة للمصحف فعليها العمل ، والأخرى مرفوضة تجري مجرى النسيان منه إن كان قالها ، أو الغلط من بعض من نقل الحديث . قال أبوبكر الأنباري : حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي حدثنا علي بن عبدالله حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن مسروق قال : لما احتضر أبو بكر أرسل إلى عائشة فلما دخلت عليه قالت : هذا كما قال الشاعر :

إذا حَشْرَجَتْ يوماً وضاقَ بها الصَّدْرُ{[14166]}

فقال أبو بكر : هلا قلت كما قال الله : " وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد " وذكر الحديث . والسكرة واحدة السكرات . وفي الصحيح عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت بين يديه ركوة - أوعُلْبة - فيها ماء فجعل يدخل يديه في الماء ، فيمسح بهما وجهه ويقول : ( لا إله إلا الله إن للموت سكرات ) ثم نصب يده فجعل يقول : ( في الرفيق الأعلى ) حتى قبض ومالت يده . خرجه البخاري . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن العبد الصالح ليعالج الموت وسكراته وإن مفاصله ليسلم بعضها على بعض تقول السلام عليك تفارقني وأفارقك إلى يوم القيامة ) . وقال عيسى ابن مريم : " يا معشر الحواريين ادعوا الله أن يهون عليكم هذه السكرة " يعني سكرات الموت . وروي : ( إن الموت أشد من ضرب بالسيوف ونشر بالمناشير وقرض بالمقاريض ) . " ذلك ما كنت منه تحيد " أي يقال لمن جاءته سكرة الموت ذلك ما كنت تفر منه وتميل عنه . يقال : حاد عن الشيء يحيد حُيودا وحَيْدة وحَيْدُودَة مال عنه وعدل . وأصله حيدودة بتحريك الياء فسكنت ؛ لأنه ليس في الكلام فعلول غير صعفوق . وتقول في الأخبار عن نفسك : حدت عن الشيء أحيد حيدا ومحيدا إذا ملت عنه ، قال طرفة :

أبا منذرٍ رُمْتَ الوفاء فَهِبْتُهُ *** وحِدْتَ كما حاد البعيرُ عن الدَّحْضِ


[14166]:صدر البيت: *لعمرك ما يغني الثراء ولا الغنى*
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَجَآءَتۡ سَكۡرَةُ ٱلۡمَوۡتِ بِٱلۡحَقِّۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنۡهُ تَحِيدُ} (19)

{ وجاءت سكرة الموت بالحق } أي : بلقاء الله أو فراق الدنيا ، وفي مصحف عبد الله بن مسعود : وجاءت سكرة الحق بالموت ، وكذلك قرأها أبو بكر الصديق ، وإنما قال : جاءت بالماضي لتحقق الأمر وقربه ، وكذلك ما بعده من الأفعال .

{ ذلك ما كنت منه تحيد } أي : تفر وتهرب ، والخطاب للإنسان .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَجَآءَتۡ سَكۡرَةُ ٱلۡمَوۡتِ بِٱلۡحَقِّۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنۡهُ تَحِيدُ} (19)

ولما كان مثل إرسال الخافقين ثم الموت ثم النفخ بإرسال الملك في الدنيا إلى الناس لعرضهم فيصير الإنسان منهم ساعياً في التزين للملك بما يعجبه في{[61163]} مقصود ذلك العرض في الأجل الذي ضربه لهم ، فإذا جاء ذلك الوقت الذي هو كالموت أخذته الرسل فباءوا به كما يفعل حال الموت بالميت ومن أحضروه منهم حبسوه على باب الملك لتكامل المعروضين ، فإذا كمل جمعهم وأمر بقيامهم للعرض {[61164]}زعق لهم{[61165]} المنادي بالبوق الذي يسمى النفير وهو كالصور ، فلهذا قال تعالى مبيناً لإحاطة قدرته بجميع خلقه عاطفاً على ما تقديره : فاضطرب ذلك الإنسان الموكل به في الوقت المأمور بالتردد فيه بما يرضي الله بالقول والفعل على حسب إرادته سبحانه سواء كان موافقاً للأمر أو مخالفاً إلى أن آن أوان الرحيل معبراً بالماضي تنبيهاً على أن الموت مع أنه لا بد منه قريب جداً : { وجاءت } أي أتت وحضرت { سكرة الموت } أي حالته عند النزع وشدته وغمرته ، يصير الميت بها كالسكران ، لا يعي وتخرج بها-{[61166]} أحواله وأفعاله وأقواله عن قانون الاعتدال ، ومجيئاً متلبساً{[61167]} { بالحق } أي الأمر الثابت الذي يطابقه الواقع فلا حيلة في الاحتراس منه من بطلان الحواس وكشف الغطاء عن أحوال البرزخ من فتنة السؤال وضيق المجال {[61168]}أو سعة الحال{[61169]} ، وقيل للميت بلسان الحال إن لم يكن بلسان القال : { ذلك } أي هذا الأمر العظيم العالي الرتبة الذي يحق لكل أحد الاعتداد له بغاية الجد { ما } أي الأمر الذي { كنت } جبلة وطبعاً .

ولما كانت نفرته منه وهربه من وقوعه بحفظ الصحة ودواء الأداء في الغاية ، كان كأنه لا ينفر إلا منه ، فأشار إلى ذلك بتقديم الجارّ فقال : { منه تحيد * } أي تميل وتنفر وتروع{[61170]} وتهرب .


[61163]:من مد، وفي الأصل: من.
[61164]:من مد، وفي الأصل: دق
[61165]:من مد، وفي الأصل: دق.
[61166]:زيد من مد.
[61167]:في مد: ملتبسا.
[61168]:سقط ما بين الرقمين من مد.
[61169]:سقط مابين الرقمين من مد.
[61170]:من مد، وفي الأصل: تزيغ.