الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَجَآءَتۡ سَكۡرَةُ ٱلۡمَوۡتِ بِٱلۡحَقِّۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنۡهُ تَحِيدُ} (19)

ثم قال : { وجاءت سكرة الموت } [ 19 ] .

أي : وجاءت شدة الموت وغلبته على فهم الإنسان بالحق من أمر الآخرة {[64756]} .

وقيل المعنى {[64757]} : ( وجاءت سكرة الموت بحقيقة الموت ) {[64758]} {[64759]} .

وفي قراءة عبد الله : " وجاءت سكرة الحق بالموت " {[64760]} ، وكذلك [ قال {[64761]} ] أبو بكر رضي الله عنه في مرضه الذي مات فيه لعائشة رضي الله عنها {[64762]} .

ومعنى هذه القراءة : أن الحق هو الله ، فالمعنى وجاءته سكرة الله بالموت .

وقيل : الحق هنا الموت ، فالتقدير وجاءت سكرة الموت بالموت فالحق هو الموت الذي/حتمه الله على جميع خلقه {[64763]} .

ثم قال : { ذلك ما كنت منه تحيد } أي : السكرة التي جاءتك أيها الإنسان ، والموت الذي أتاك هو الذي كنت منه تهرب ، وعنه تروع .


[64756]:انظر: إعراب النحاس 4/225.
[64757]:ح: "معنى".
[64758]:ح: "وجاءت سكرة الموت بالحق فحقيقة الموت" وهو تحريف.
[64759]:انظر: جامع البيان 26/100، وإعراب النحاس 4/225، وتفسير القرطبي 17/12.
[64760]:أورد ابن جني في المحتسب استطرادا لطيفا على هذه القراءة. وقال: "فإن قلت: فكيف يجوز أن تقول: جاءت سكرة الحق بالموت وأنت تريد به: وجاءت سكرة الموت بالحق، فيا ليت شعري أيتهما الجائية بصاحبتها؟. قيل: لاشتراكهما في الحال، وقرب إحداهما من صاحبتها صار كأن كل واحدة منهما جائية بالأخرى، لأنهما ازدحمتا في الحال، واشتيكتا حتى صارت كل واحدة منهما جائية بالأخرى، لأنهما ازدحمتا في الحال، واشتبكتا حتى صارت كل واحدة منهما جائية بصاحبتها، كما يقول، الرجلان المتوافيان في الوقت الواحد إلى المكان –كل واحد منهما لصحابه - : لا أرى أأنا سبقتك أم أنت سبقتني". راجع المحتسب 2/284، ومعاني الفراء 3/78، وإعراب النحاس 4/225.
[64761]:ساقط من ح.
[64762]:انظر: جامع البيان 26/100، وتفسير القرطبي 17/12.
[64763]:انظر: إعراب النحاس 4/225، وتفسير القرطبي 17/12.