اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَجَآءَتۡ سَكۡرَةُ ٱلۡمَوۡتِ بِٱلۡحَقِّۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنۡهُ تَحِيدُ} (19)

قوله : { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ } أي غمرته وشدته التي تغشى الإنسان وتجلب على عقله{[52382]} .

قوله : «بالْحَقِّ » يجوز أن تكون الباء للحال{[52383]} أي مُلْتَبسةً بالحقّ والمعنى بحقيقة الموت ، ويجوز أن تكون للتعدية{[52384]} والمراد منه الموت فإنه حق كأن شدة الموت تحضر الموت ، يقال : جاء فلان بكذا أي أحضره ، وقيل : بالحق من أمر الآخرة حتى يتبينه الإنسان ويراه بالعَيَان . وقيل : بما يَؤُول إليه أمر الإنسان من السعادة والشقاوة{[52385]} .

وقرأ عبد الله : سَكَرَاتُ{[52386]} .

ويقال لمن جاءته سكرة الموت : ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تحيد أي تميل ، من حَادَ عن الشيء يَحِيدُ حُيُوداً وحُيُودَةً وحَيْداً . وقال الحسن : تهرب ، وقال ابن عباس - ( رضي الله{[52387]} عنهما - ) تكره وأصل الحَيْدِ : الميلُ ، يقال : حُدْتُ عن الشيء أَحِيدُ حَيْداً ومَحِيداً إذا مِلْت عنه{[52388]} ، و «ذلك » يحتمل أن يكون إشارة إلى الموت وأن يكون إشارة إلى الحق{[52389]} . والخطاب قيل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - . قال ابن الخطيب : وهو مُنْكَر ، وقيل : مع الكافر . وهو أقرب . والأقْوى أن يقال : هو خطاب عامٌّ مع السامع{[52390]} .


[52382]:وانظر البغوي والخازن 6/235 و236.
[52383]:قاله العكبري في التبيان 1175 وشبقه الزمخشري في الكشاف 4/7.
[52384]:قاله الكشاف المرجع السابق.
[52385]:ذكر هذه المعاني في مرجعه السابق.
[52386]:وهي نفس قراءة أبي بكر. وانظر الكشاف السابق والبحر 8/124.
[52387]:زيادة من (أ).
[52388]:البغوي المرجع السابق.
[52389]:هذا قول الرازي في تفسيره 28/164.
[52390]:المرجع السابق.