التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{وَجَآءَتۡ سَكۡرَةُ ٱلۡمَوۡتِ بِٱلۡحَقِّۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنۡهُ تَحِيدُ} (19)

ثم بين - سبحانه - حالة الإِنسان عند الاحتضار فقال : { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ } . أى . وجاءت لكل إنسان سكرة الموت وشدنته وغرمته وكرتبه ، ملتبسة بالحق الذى لا شك فيه ولا باطل معه { ذَلِكَ } أى : الموت الذى هو نهاية كل حى { مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ } أى : تميل وتهرب وتفر منه فى يحاتك . يقال : حاد فلان عن الشئ يَحِيدُه حَيْدَةً . . إذا تنحى عنه وابتعد .

أخرج الإِمام أحمد وابن جرير عن عبد الله مولى الزبير بن العوام قال : لما حضر أبو بكر الموت ، بكت ابنته عائشة ، وتمثلت بقول الشاعر :

لعمرك ما يغنى الحذار عن الفتى . . . إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر

فقال لها أبو بكر - رضى الله عنه - : لا تقولى ذلك يا بنتى ، ولكن قولى : { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ } .