تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{لَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَآءِ جُدُرِۭۚ بَأۡسُهُم بَيۡنَهُمۡ شَدِيدٞۚ تَحۡسَبُهُمۡ جَمِيعٗا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ} (14)

بأسُهم بينهم شديد : خلافاتهم بينهم كثيرة .

وقلوبهم شتى : متفرقة ومملوءة بالبغضاء على بعضهم .

ثم أكد جُبن اليهود والمنافقين وشدة خوفهم من المؤمنين فقال : { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ } .

إن هؤلاء اليهود والمنافقين معهم قد ألقى اللهُ في قلوبهم الرعب ، فلا يواجهونكم بقتالٍ مجتمعين ، ولا يقاتلونكم إلا في قرى محصّنة أو من وراء جدرانٍ يستترون بها .

ذلك لأنهم متخاذلون ، وهم في الظاهر أقوياء متّحدون ، لكنهم في حقيقة الأمر قلوبُهم متفرقة ، وبينهم العداوةُ والبغضاءُ والحسد .

{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{لَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَآءِ جُدُرِۭۚ بَأۡسُهُم بَيۡنَهُمۡ شَدِيدٞۚ تَحۡسَبُهُمۡ جَمِيعٗا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ} (14)

{ لا يقاتلونكم جميعا } أي اليهود { إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر } أي لما ألقى الله في قلوبهم من الرعب لا يقاتلونكم الا متحصنين بالقرى والجدران ولا يبرزن لقتالكم { بأسهم بينهم شديد } خلافهم بينهم عظيم { تحسبهم جميعا } مجتمعين متفقين { وقلوبهم شتى } مختلفة متفرقة و { ذلك بأنهم قوم لا يعقلون } عن الله أمره .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{لَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَآءِ جُدُرِۭۚ بَأۡسُهُم بَيۡنَهُمۡ شَدِيدٞۚ تَحۡسَبُهُمۡ جَمِيعٗا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ} (14)

قوله تعالى : { لا يقاتلونكم جميعا } يعني اليهود { إلا في قرى محصنة }أي بالحيطان والدور ، يظنون أنها تمنعهم منكم . { أو من وراء جدر } أي من خلف حيطان يستترون بها لجبنهم ورهبتهم . وقراءة العامة " جدر " على الجمع ، وهو اختيار أبي عبيدة وأبي حاتم ؛ لأنها نظير قوله تعالى : { في قرى محصنة } وذلك جمع . وقرأ ابن عباس ومجاهد وابن كثير وابن محيصن وأبو عمرو " جدار " على التوحيد ؛ لأن التوحيد يؤدي عن الجمع . وروي عن بعض المكيين " جدر " ( بفتح الجيم وإسكان الدال ) ، وهي لغة في الجدار . ويجوز أن يكون معناه من وراء نخيلهم وشجرهم ، يقال : أجدر النخل إذا طلعت رؤوسه في أول الربيع . والجدر : نبت واحدته جِدْرة . وقرئ " جُدْر " ( بضم الجيم وإسكان الدال ) جمع الجدار . ويجوز أن تكون الألف في الواحد كألف كتاب ، وفي الجمع كألف ظراف . ومثله ناقة هجان ونوق هجان ؛ لأنك تقول في التثنية : هجانان ، فصار لفظ الواحد والجمع مشتبهين في اللفظ مختلفين في المعنى ، قاله ابن جني .

قوله تعالى : { بأسهم بينهم شديد } يعني عداوة بعضهم لبعض . وقال مجاهد : { بأسهم بينهم شديد } أي بالكلام والوعيد لنفعلن كذا . وقال السدي : المراد اختلاف قلوبهم حتى لا يتفقوا على أمر واحد . وقيل : { بأسهم بينهم شديد } أي إذا لم يلقوا عدوا نسبوا أنفسهم إلى الشدة والبأس ، ولكن إذا لقوا العدو انهزموا . { تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى }يعني اليهود والمنافقين ، قاله مجاهد . وعنه أيضا يعني المنافقين . الثوري : هم المشركون وأهل الكتاب . وقال قتادة : " تحسبهم جميعا " أي مجتمعين على أمر ورأي . " وقلوبهم شتى " متفرقة . فأهل الباطل مختلفة آراؤهم ، مختلفة شهادتهم ، مختلفة أهواؤهم وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق . وعن مجاهد أيضا : أراد أن دين المنافقين مخالف لدين اليهود ، وهذا ليقوي أنفس المؤمنين عليهم . وقال الشاعر :

إلى الله أشكو نِيَّةً شَقَّتِ العَصَا *** هي اليوم شَتَّى وهي أمس جُمَّعُ

وفي قراءة ابن مسعود { وقلوبهم أشت } يعني أشد تشتيتا ، أي أشد اختلافا . { ذلك بأنهم قوم لا يعقلون } أي ذلك التشتيت والكفر بأنهم لا عقل لهم يعقلون به أمر الله .

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{لَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَآءِ جُدُرِۭۚ بَأۡسُهُم بَيۡنَهُمۡ شَدِيدٞۚ تَحۡسَبُهُمۡ جَمِيعٗا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ} (14)

{ لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون } .

{ لا يقاتلونكم } أي اليهود { جميعاً } مجتمعين { إلا في قرى محصنة أو من وراء جدار } سور ، وفي قراءة جدر { بأسهم } حربهم { بينهم شديد تحسبهم جميعاً } مجتمعين { وقلوبهم شتى } متفرقة خلاف الحسبان { ذلك بأنهم قوم لا يعقلون } .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{لَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَآءِ جُدُرِۭۚ بَأۡسُهُم بَيۡنَهُمۡ شَدِيدٞۚ تَحۡسَبُهُمۡ جَمِيعٗا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ} (14)

قوله : { لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة } يعني لا يقاتلكم اليهود مجتمعين إلا وهم متمكنون في حصونهم المنيعة التي يصعب اقتحامها أو اختراقها والسيطرة عليها إلا بسلطان من الله وعونه ومدده { أو من وراء جدر } يعني أو يقاتلونكم من خلف حواجز قوية مكينة ، يستترون بها ليقاتلوكم من ورائها .

وفي قوله ههنا { جدر } بالتنكير لا التعريف ما يثير الانتباه ويلفت النظر .

فهؤلاء القوم لا يجرؤون على قتال المسلمين إلا من خلف جدر صلبة تقيهم الضربات من أمامهم . ولئن كانت الجدر الواقية فيما مضى تعني الحيطان الواقية ، فهي في العصر الراهن صفائح سميكة ومتينة من الحديد الصلب الذي تتركب منه الحافلات والناقلات والدبابات . فما كان ليهود أن يجرؤوا على قتال المسلمين في معركة من المعارك إلا أن يحسبوا لذلك كل حساب ثم يقاتلون وهم محصنون في أجواف الدبابات المنيعة الصلبة ، يستترون بجدرها الواقية القوية .

قوله : { بأسهم بينهم شديد } يعني عداوة بعضهم لبعض شديدة فهم فيما بينهم متدابرون وإنما يتناسبون مباغضاتهم فيما بينهم إذا دهمهم العدو لقتالهم أو حزبتهم الشدائد من الخارج .

قوله : { تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى } أي تحسب أن هؤلاء اليهود مؤتلفون متوادون فيما بينهم ولكنهم في الحقيقة ، قلوبهم متنافرة متباغضة . فهم أولو أهواء كثيرة ومختلفة فتختلف بذلك قلوبهم . وهم لا يجتمعون إلا ليواجهوا المسلمين في قتال أو حرب وحينئذ يتعارفون ويتلاقون ثم تنقلب قلوبهم في أحوال السلم لتكون متفرقة شتى .

قوله : { ذلك بأنهم قوم لا يعقلون } سبب ضلالهم وفسقهم وما بينهم من المباغضات وتفرق القلوب أنهم { قوم لا يعقلون } لا يعلمون أن الصواب في منهج الله الحق وفي سبيله المستقيم . وإنما يتبعون أهواءهم وما تحفزهم إليه شهواتهم ومصالحهم .