تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{وَٱلطُّورِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الطور مكية آياتها تسع وأربعون ، نزلت بعد سورة السجدة . و هي من السور المكية التي تُعنى بأصول الإيمان ، وتبدأ بالقسم بخمسة من أعظم المخلوقات بأن العذاب واقع بالمكذبين . وهذه الخمسة هي : جبل الطور الذي كلم الله عليه موسى ، وما أنزل الله تعالى من كتب سماوية كالقرآن الكريم ، والبيت المعمور وهي الكعبة المعمورة بالحجاج والطائفين ، والسقف المرفوع وهو السماء وما فيها من عجائب لا تنتهي ، والبحر المملوء من مخلوقات الله العديدة .

ثم تتحدث السورة عن ألوان عذاب الكافرين يوم القيامة حيث يقال لهم هذه النار التي كنتم بها تكذبون . هل ما ترونه سحرا أم أنتم لا تبصرون ؟ ادخلوها وذوقوا حرها . وسواء أصبرتم أم لم تفعلوا فإن هذا جزاؤكو على كفركم وعنادكم .

ثم في مقابل ألوان العذاب هذه ينتقل الحديث عن نعيم المتقين وما يتفكهون به في جنات الخلد . ويأتي النص واضحا بأن الإنسان يلقى ما يعمله من خير أو شر لا ينقصه الله منه شيئا : كل امرىء بما كسب رهين .

ثم يأتي الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمداومة على التذكير دون مبالاة بما يتقول الكافرون أو التفات لما يصفون به القرآن الكريم . وهو يتحداهم أن يأتوا بمثله إن كانوا صادقين . وقد سفهت السورة كثيرا من آراء المشركين أقوالهم الفاسدة ، مبينة ضلالهم ، وسوء تقديرهم ، وهل لهم إله غير الله سبحان الله عما يشركون .

ثم يخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم بخطاب كريم بقوله تعالى : فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون فيهلكون جميعا . في ذلك اليوم لا يغني عنهم أحد ، ولايجدون من ينصرهم . ثم يسليه بكلام لطيف بأن يصبر لحكم الله على أذاهم ، وأنه في حفظ ربه ورعايته ، ويحثه على الذكر والتسبيح والعبادة في ختام هذه السورة الكريمة بقوله تعالى : وسبح بحمد ربك حين تقوم ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم .

الطور : هو طور سيناء ، والطور في اللغة : الجبلُ ، وفناء الدار ، وجبلٌ قرب العقبة يضاف الى سيناء وسينين ، وجبلٌ بالقدس عن يمين المسجد ، وجبلٌ مطلّ على طبرية . « القاموس » . ويقال لجميع بلاد الشام الطور . « معجم البلدان » .

أقسم الله تعالى بخمسة مقدَّسات في الأرض والسماء ، بعضُها مكشوفٌ معلوم وبعضُها مغيَّب مجهول ، بطورِ سيناء الذي كلّم الله عليه موسى ، وبالكتُب المنزلة من عنده ( وعبر عنها بكتابِ ، بالإفراد ، لأنها وحدةٌ واحدة تدعو الى نهجٍ واحد ) في صحفٍ ميسّرة للقراءة ،