الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَٱسۡتَفۡتِهِمۡ أَلِرَبِّكَ ٱلۡبَنَاتُ وَلَهُمُ ٱلۡبَنُونَ} (149)

قوله تعالى :{ فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون } : لما ذكر أخبار الماضين تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم احتج على كفار قريش في قولهم : إن الملائكة بنات الله ، فقال : { فاستفتهم } ، وهو معطوف على مثله في أول السورة وإن تباعدت بينهم المسافة ، أي فسل يا محمد أهل مكة { ألربك البنات } وذلك أن جهينة وخزاعة وبني مليح وبني سلمة وعبد الدار زعموا أن الملائكة بنات الله ، وهذا سؤال توبيخ .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَٱسۡتَفۡتِهِمۡ أَلِرَبِّكَ ٱلۡبَنَاتُ وَلَهُمُ ٱلۡبَنُونَ} (149)

قوله تعالى : { فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ } : ذلك احتجاج على المشركين في قولهم : إن الملائكة بنات الله . وهو قول فاسد يكشف عن بالغ الحماقة والجهالة والسفه . وهم أنفسهم كانوا من الزاهدين في الإناث فكانوا يكرهون البنات ويستاءون بولادتهن ؛ فهم بذلك يودون لأنفسهم ما يحبون ويشتهون ، ويجعلون لله ما يكرهون ؛ فأي قسمة ظالمة هذه وأي تفكير سقيم عجيب هذا ؟ ! لذلك أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسأل هؤلاء المشركين موبِّخا مستهجنا ما ظنوه وما قالوه { فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ } أي سلهم واستخبرهم مستنكرا عليهم ظلمهم وضلالهم { أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ } فقد كانوا يقولون : الملائكة بنات الله وكانوا يعبدونها ، فكيف يجعلون لله البنات وهم يكرهونهن ويحتقرونهن ، ويختارون لأنفسهم أرفع الجنسين وهم الذكور ؟ وهذه واحدة من الحماقات الغائرة في أعماق الضلال والتي انحدر فيها المشركون الظالمون .