الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبۡصِرًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَشۡكُرُونَ} (61)

قوله تعالى : " الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه " " جعل " هنا بمعنى خلق ، والعرب تفرق بين جعل إذا كانت بمعنى خلق وبين جعل إذ لم تكن بمعنى خلق ، فإذا كانت بمعنى خلق فلا تعديها إلا إلى مفعول واحد ، وإذا لم تكن بمعنى خلق عدتها إلى مفعولين ، نحو قوله :إنا جعلناه قرآنا عربيا " وقد مضى هذا المعنى في غير موضع{[13389]} . " والنهار مبصرا " أي مضيئا لتبصروا فيه حوائجكم وتتصرفوا في طلب معايشكم . " إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون " فضله وإنعامه عليهم .


[13389]:راجع ج 6 ص 386 وما بعدها طبعة أولى أو ثانية.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبۡصِرًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَشۡكُرُونَ} (61)

قوله تعالى : { اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ ( 61 ) } .

يبين الله نعمته على خلقه . وأنعهم كثيرة ومختلفة ومبسوطة في سائر أنحاء السماء والأرض ؛ فهو سبحانه { جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ } أي خلق الله الليل لعباده من أجل السكينة والاستقرار ؛ إذ يهجعون فيه فيجدون فيه الراحة والطمأنينة عقب السعي والكد والنصب طلبا للأرزاق والمعايش في النهار .

قوله : { وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا } أي جعله مضيئا لتبصروا فيه حوائجكم وتسعوا في طلب معايشكم .

قوله : { إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ } الله المتفضل على العباد بما أسبغ عليهم من جزيل النعم وعظيم الآلاء { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } أكثر الناس يجحدون نعمة الله عليهم فلا يشكرونه بالطاعة والخضوع وإفراده بالعبادة والإذعان وذلك إما بسبب كفرهم وجحودهم ، أو لطول غفلتهم عن ذكر الله وشكره .