البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبۡصِرًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَشۡكُرُونَ} (61)

{ الله الذين جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً } : تقدم الكلام على مثل هذه الجملة في سورة يونس .

و { لذو فضل } : أبلغ من : لمفضل أو لمتفضل ، كما قال { لذو علم لما علمناه } { لينفق ذو سعة من سعته } { والله ذو الفضل العظيم } لما يؤدي إليه من كونه صاحبه ومتمكناً منه ، بخلاف أن يؤتي بالصفة ، فإنه قد يدل على غير الله بالاتصاف به في وقت ما ، لا دائماً ، وذكر عموم فضله وسوغه على الناس ، ثم قال : { ولكن أكثر الناس } ، فأتى به ظاهراً ، ولم يأت التركيب : ولكن أكثرهم .

قال الزمخشري : في هذا التكرير تخصيص لكفران النعمة بهم ، وأنهم هم الذين يكفرون فضل الله ولا يشكرونه ، كقوله : { إن الإنسان لكفور } { إن الإنسان لربه لكنود } { إن الإنسان لظلوم كفار } انتهى .