الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{لِيَأۡكُلُواْ مِن ثَمَرِهِۦ وَمَا عَمِلَتۡهُ أَيۡدِيهِمۡۚ أَفَلَا يَشۡكُرُونَ} (35)

{ ليأكلوا من ثمره } : الهاء في { ثمره } تعود على ماء العيون ؛ لأن الثمر منه اندرج . قاله الجرجاني والمهدوي وغيرهما . وقيل : أي ليأكلوا من ثمر ما ذكرنا ، كما قال : { وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه } [ النحل : 66 ] . وقرأ حمزة والكسائي :{ من ثمره }بضم الثاء والميم . وفتحهما الباقون . وعن الأعمش ضم الثاء وإسكان الميم . وقد مضى الكلام فيه في " الأنعام " {[13210]} . { وما عملته أيديهم } :{ ما } في موضع خفض على العطف على { من ثمره } أي : ومما عملته أيديهم . وقرأ الكوفيون : { وما عملت } بغير هاء . الباقون { عملته } على الأصل من غير حذف . وحذف الصلة أيضا في الكلام كثير لطول الاسم . ويجوز أن تكون { ما } نافية لا موضع لها فلا تحتاج إلى صلة ولا راجع . أي : ولم تعمله أيديهم من الزرع الذي أنبته الله لهم . وهذا قول ابن عباس والضحاك ومقاتل . وقال غيرهم : المعنى ومن الذي عملته أيديهم أي : من الثمار ، ومن أصناف الحلاوات والأطعمة ، ومما اتخذوا من الحبوب بعلاج كالخبز والدهن المستخرج من السمسم والزيتون . وقيل : يرجع ذلك إلى ما يغرسه الناس . روي معناه عن ابن عباس أيضا{ أفلا يشكرون } نعمه .


[13210]:راجع ج 7 ص 49 وما بعدها طبعة أولى أو ثانية.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{لِيَأۡكُلُواْ مِن ثَمَرِهِۦ وَمَا عَمِلَتۡهُ أَيۡدِيهِمۡۚ أَفَلَا يَشۡكُرُونَ} (35)

ولما كانت حياة كل شيء إنما هي بالماء ، أشار إلى ذلك بقوله : { ليأكلوا من } وأشارت قراءة حمزة والكسائي بصيغة الجمع مع إفراد الضمير إلى أن الشجرة الواحدة تجمع بالتطعيم أصنافاً من الثمر { ثمره } أي : من ثمر ما تقدم ، ولولا الماء لما طلع ، ولولا أنه بكثرة لما أثمر بعد الطلوع .

ولما كان الإنسان قد يتسبب في تربية بعض الأشياء ، أبطل سبحانه الأسباب فيما يمكن أن يدعو فيه تسبباً ، ونبه على أن الكل بخلقه فقال : { وما عملته } أي : ولم تعمل شيئاً من ذلك { أيديهم } أي :عملاً ضعيفاً - بما أشار إليه تأنيث الفعل فكيف بما فوقه وإن تظافروا على ذلك بما أشار إليه جمع اليد . ولما كان السياق ظاهراً في هذا جاءت قراءة حمزة والكسائي وحفص عن عاصم بحذف الضمير غير منوي قصراً للفعل تعميماً للمفعول رداً لجميع الأمور إلى بارئها سواء كانت بسبب أو بغير سبب ، أي : ولم يكن لأيديهم عمل لشيء من الأشياء لا لهذا ولا لغيره مما له مدخل في عيشهم ومن غيره ، ولذلك حسن كل الحسن إنكاره عليهم عدم الشكر بقوله : { أفلا يشكرون * } أي : يدأبون دائماً في إيقاع الشكر والدوام على تجديده في كل حين بسبب هذه النعم الكبار .

 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{لِيَأۡكُلُواْ مِن ثَمَرِهِۦ وَمَا عَمِلَتۡهُ أَيۡدِيهِمۡۚ أَفَلَا يَشۡكُرُونَ} (35)

{ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ ( 35 ) }

كل ذلك ؛ ليأكل العباد من ثمره ، وما ذلك إلا من رحمة الله بهم لا بسعيهم ولا بكدِّهم ، ولا بحولهم وبقوتهم ، أفلا يشكرون الله على ما أنعم به عليهم من هذه النعم التي لا تعدُّ ولا تحصى ؟