الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَكَذَٰلِكَ أَخۡذُ رَبِّكَ إِذَآ أَخَذَ ٱلۡقُرَىٰ وَهِيَ ظَٰلِمَةٌۚ إِنَّ أَخۡذَهُۥٓ أَلِيمٞ شَدِيدٌ} (102)

قوله تعالى : " وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى " أي كما أخذ هذه القرى التي كانت لنوح وعاد وثمود يأخذ جميع القرى الظالمة . وقرأ عاصم الجحدري وطلحة بن مصرف " وكذلك أخذ ربك إذ أخذ القرى " وعن الجحدري أيضا " وكذلك أخذ ربك " كالجماعة " إذ أخذ القرى " . قال المهدوي من قرأ : " وكذلك أخذ ربك إذ أخذ " فهو إخبار عما جاءت به العادة في إهلاك من تقدم من الأمم ، والمعنى : وكذلك أخذ ربك من أخذه من الأمم المهلكة إذ أخذهم . وقراءة الجماعة على أنه مصدر ، والمعنى : كذلك أخذ ربك من أراد إهلاكه متى أخذه ، فإذ لما مضى ، أي حين أخذ القرى ، وإذا للمستقبل " وهي ظالمة " أي وأهلها ظالمون ، فحذف المضاف مثل : " واسأل القرية " [ يوسف : 82 ] . " إن أخذه أليم شديد " أي عقوبته لأهل الشرك موجعة غليظة . وفي صحيح مسلم والترمذي من حديث أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ) ثم قرأ " وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى " الآية . قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب .