اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَكَذَٰلِكَ أَخۡذُ رَبِّكَ إِذَآ أَخَذَ ٱلۡقُرَىٰ وَهِيَ ظَٰلِمَةٌۚ إِنَّ أَخۡذَهُۥٓ أَلِيمٞ شَدِيدٌ} (102)

قوله : { وكذلك } خبرٌ مقدَّم ، و " أخْذُ " مبتدأ مؤخر ، والتقدير : ومثلُ ذلك الأخْذِ أي : أخْذِ الله الأمم السَّالفة أخذُ ربك .

و " إذا " ظرفُ متمحِّض ، ناصبه المصدر قبله ، وهو قريبٌ من حكاية الحالِ ، والمسألةُ من بابِ التنازع فإنَّ الأخذ يطلب " القُرَى " ، و " أخْذ " الفعل أيضاً يطلبها ، وتكون المسألة من إعمال الثاني للحذف من الأوَّلِ .

وقرأ عاصمٌ{[18978]} وأبو رجاء والجحدريُّ " أَخَذَ ربك ، إذا أخذَ " جعلهُما فعلين ماضيين ، و " رَبُّك " فاعل . وقرأ طحلةُ بن مصرف كذلك إلاَّ أنَّهُ ب " إذَا " {[18979]} .

قال ابن عطيَّة{[18980]} : وهي قراءةٌ متمكنة المعنى ، ولكن قراءة الجماعةِ تُعْطِي الوعيد ، واستمراره في الزَّمانِ ، وهوالباب في وضع المستقبل موضع الماضي .

وقوله : " وهِيَ ظالمةٌ " جملةٌ حاليّة . والضميرُ في " وهِيَ ظالمةٌ " عائد إلى القُرَى ، وهو في الحقيقة عائد إلى أهلها ، كقوله : { وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً } [ الأنبياء : 11 ] { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا } [ القصص : 58 ] .

ثم لمَّا بيَّن كيفية أخذ الأمم الظَّالمة أكَّده بقوله : { إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } فوصف ذلك العذاب بالإيلامِ وبالشدَّةِ .


[18978]:ينظر: البحر المحيط 5/260 والدر المصون 4/129.
[18979]:ينظر: البحر المحيط 5/261 والدر المصون 4/129.
[18980]:ينظر: المحرر الوجيز 3/206.