الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَكَذَٰلِكَ أَخۡذُ رَبِّكَ إِذَآ أَخَذَ ٱلۡقُرَىٰ وَهِيَ ظَٰلِمَةٌۚ إِنَّ أَخۡذَهُۥٓ أَلِيمٞ شَدِيدٌ} (102)

قوله تعالى : { وَكَذلِكَ } : خبرٌ مقدم ، و " أَخْذُ " مبتدأ مؤخر ، والتقدير : ومثْلُ ذلك الأَخْذِ اللَّهِ الأمم السالفة أَخْذُ ربك . و " إذا " ظرف مُتَمَحِّض ، ناصبُه المصدر قبله وهو قريبٌ مِنْ حكاية الحال ، والمسألةُ من باب التنازع فإنَّ الأَخْذَ يَطْلب " القرى " ، و " أَخَذَ " الفعل أيضاً يطلبها ، وتكون المسألة من إعمال الثاني للحذف من الأول .

وقرأ أبو رجاء والجحدري : " أَخَذ ربك ، إذ أَخَذَ " جَعَلَهما فعلين ماضيين ، و " ربُّك " فاعل . وقرأ طلحة بن مصرف كذلك ، إلا أنه ب " إذا " كالعامَّة قال ابن عطية : " وهي قراءةٌ متمكنة المعنى ، ولكن قراءة الجماعة تُعْطي الوعيد واستمراره في الزمان ، وهو الباب في وَضْع المستقبل مَوْضِعَ الماضي " .

وقوله : { وَهِيَ ظَالِمَةٌ } جملةٌ حالية .

والتَّتْبيب : التَّخْسيرُ يقال : تَبَّبَ غيرُه فتبَّ هو بنفسه ، فيُستعمل لازماً ومتعدياً ، ومنه { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } [ المسد : 1 ] . وتبَّبْتُه تَتْبِيباً ، أي : خَسَّرْته تخسيراً . قال لبيد :

2706 - ولقد بَلِيْتُ وكلُّ صاحبِ جِدَّةٍ *** لِبِلىً يعودُ وذاكمُ التَّتْبيبُ