البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَكَذَٰلِكَ أَخۡذُ رَبِّكَ إِذَآ أَخَذَ ٱلۡقُرَىٰ وَهِيَ ظَٰلِمَةٌۚ إِنَّ أَخۡذَهُۥٓ أَلِيمٞ شَدِيدٌ} (102)

الشقاء نكد العيش .

وسوؤه .

يقال منه : شقي يشقى شقاء وشقوة وشقاوة والسعادة ضده ، يقال منه : سعد يسعد ، ويعديان بالهمزة فيقال : أشقاه الله ، وأسعده الله .

وقد قرىء شقوا وسعدوا بضم الشين والسين ، فدل على أنهما قد يتعدّيان .

ومنه قولهم مسعود ، وذكر أنّ الفراء حكى أن هذيلاً تقول : سعده الله بمعنى أسعده .

وقال الجوهري : سعد بالكسر فهو سعيد ، مثل سلم فهو سليم ، وسعد فهو مسعود .

وقال أبو نصر عبد الرحيم القشيري : ورد سعده الله فهو مسعود ، وأسعده الله فهو مسعد .

{ وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد .

إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود وما نؤخره إلا لأجل معدود .

يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد } : أي ومثل ذلك الأخذ أخذ الله الأمم السابقة أخذ ربك .

والقرى عام في القرى الظالمة ، والظلم يشمل ظلم الكفر وغيره .

وقد يمهل الله تعالى بعض الكفرة .

وأما الظلمة في الغالب فمعاجلون ، وفي الحديث : « إن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته » ثم قرأ : وكذلك أخذ ربك إذاً .

وقرأ أبو رجاء والجحدري : وكذلك أخذ ربك ، إذ أخذ على أنّ أخذ ربك فعل وفاعل ، وإذ ظرف لما مضى ، وهو إخبار عما جرب به عادة الله في إهلاك من تقدم من الأمم .

وقرأ طلحة بن مصرف : وكذلك أحذ ربك هذا أخذ .

قال ابن عطية : وهي قراءة متمكنة المعنى ، ولكن قراءة الجماعة تعطي الوعيد واستمراره في الزمان ، وهو الباب في وضع المستقبل موضع الماضي ، والقرى مفعول بأخذ على الإعمال إذ تنازعه المصدر وهو : أخذ ربك ، وأخذ ، فاعمل الثاني وهي ظالمة جملة حالية إن أخذه أليم موجع صعب على المأخوذ .

والأخذ هنا أخذ الإهلاك .