الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَلَوۡ أَنَّآ أَهۡلَكۡنَٰهُم بِعَذَابٖ مِّن قَبۡلِهِۦ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوۡلَآ أَرۡسَلۡتَ إِلَيۡنَا رَسُولٗا فَنَتَّبِعَ ءَايَٰتِكَ مِن قَبۡلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخۡزَىٰ} (134)

قوله تعالى : " ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله " أي من قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ونزول القرآن " لقالوا " أي يوم القيامة " ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا " أي هلا أرسلت إلينا رسولا " فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى " وقرئ " نذل ونخزى " على ما لم يسم فاعله . وروى أبو سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهالك في الفترة والمعتوه والمولود قال : ( يقول الهالك في الفترة لم يأتني كتاب ولا رسول ، ثم تلا " ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا " الآية ويقول المعتوه : رب لم تجعل لي عقلا أعقل به خيرا ولا شرا ، ويقول المولود : رب لم أدرك العمل فترفع لهم نار فيقول لهم : ردوها وادخلوها ، قال : فيردها أو يدخلها من كان في علم الله سعيدا لو أدرك العمل ويمسك عنها من كان في علم الله شقيا لو أدرك العمل ، فيقول الله تبارك وتعالى : إياي عصيتم فكيف رسلي لو أتتكم ) . ويروى موقوفا عن أبي سعيد قوله ، وفيه نظر ، وقد بيناه في كتاب " التذكرة " وبه احتج من قال : إن الأطفال وغيرهم يمتحنون في الآخرة . " فنتبع " نصب بجواب التخصيص . " آياتك " يريد ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم " من قبل أن نذل " أي في العذاب " ونخزى " في جهنم ، قاله ابن عباس . وقيل : " من قبل أن نذل " في الدنيا بالعذاب " ونخزى " في الآخرة بعذابها .