تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَوۡ أَنَّآ أَهۡلَكۡنَٰهُم بِعَذَابٖ مِّن قَبۡلِهِۦ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوۡلَآ أَرۡسَلۡتَ إِلَيۡنَا رَسُولٗا فَنَتَّبِعَ ءَايَٰتِكَ مِن قَبۡلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخۡزَىٰ} (134)

الآية 134 : وقوله تعالى : { ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله } أي من قبل رسوله { لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك } من الناس من يقول : ليس لله أن يعذبهم تعذيب إهلاك قبل أن يبعث رسولا ، ويحتج بظاهر هذه الآية { ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا } .

وعندنا له أن يهلكهم بعذاب قبل الرسول إليهم ، لأنه تعالى قد أقام عليهم حجة العقل ما لو تأملوا ، ونظروا فيه ، لعرفوا ، وأدركوا حق الله عليهم . فإذا كان كذلك كان{[12523]} إهلاكه إياهم إهلاكا عن بينة وحجة . لكنه بفضله ورحمته لا يهلكهم بأول آية يرسلها{[12524]} عليهم حتى يرسل الآيات إفضالا منه منة . وإلا كان له إهلاكهم بآي واحدة ، فيكون { ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله [ لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا } ]{[12525]} إنما ذلك لقطع القول منهم لا أن كان لهم ذلك القول والاحتجاج بذلك ، ولأن قوله { ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله . [ لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا } ]{[12526]} يخرج مخرج الامتنان أنه لم يهلكهم قبل بعث الرسل . فدل أن له إهلاكهم قبل بعث الرسول لما ذكرنا من إقامة حجة العقل عليهم ، والله أعلم .


[12523]:في الأصل و م: فكان.
[12524]:في الأصل و م: يرسل.
[12525]:في الأصل و م: كذا.
[12526]:في الأصل و م: كذا.