قوله : { ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله } الهاء في { قبله } يجوز أن تعود للرسول لقوله{[27581]} : لولا أرسلت إلينا رسولا{[27582]} .
وجوز الزمخشري وغيره في قوله{[27583]} : أنه{[27584]} يعود على { بينة } باعتبار أنها في معنى البرهان والدليل{[27585]} . والمعنى : ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبل إرسال الرسول أو من قبل مجيء البرهان { لقالوا } يوم القيامة { لولا } هلا { أرسلت إلينا رسولا } يدعونا { فنتبع{[27586]} آياتك من قبل أن ندل ونخزى } ( بالعذاب والذل : الهوان . والخزي : الافتضاح ){[27587]} لكان لهم أن يقولوا ذلك فيكون عذرا لهم ، فأما الآن فقد أرسلناك وبينا على لسانك ما عليهم وما لهم فلم تبق لهم حجة البتة .
روى أبو سعيد الخدري{[27588]} : قال : -عليه السلام{[27589]}- " يحتج على الله يوم القيامة ثلاثة الهالك في الفترة ، يقول : لم يأتني رسول{[27590]} ، وتلا { لولا أرسلت إلينا رسولا } والمغلوب على الله يقول : لم تجعل لي عقلا أنتفع به ، ويقول الصغير : كنت صغيرا لا أعقل ، فترتفع لهم النار{[27591]} ويقال{[27592]} ادخلوها ، فيدخلها من كان في علم الله أنه شقي ، ويبقى من كان في علم الله أنه سعيد ، فيقول{[27593]} : إياي عصيتم فكيف برسلي{[27594]} لو أتوكم " {[27595]} .
قال الجبائي : هذه الآية تدل على وجوب فعل اللطف إذ المراد أنه يجب{[27596]} أن يفعل بالمكلفين ما يؤمنون عنده ، ولو لم يفعل لكان لهم أن يقولوا : هلا فعلت ذلك بنا لنؤمن ؟ وهلا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ؟ وإن كان في المعلوم أنهم لا يؤمنون ، وإن بعث إليهم الرسول لم يكن لهم في ذلك حجة ، فصح أنه إنما يكون حجة لهم{[27597]} إذا كان في المعلوم أنه يؤمنون عنده إذا أطاعوه{[27598]} .
قال الكلبي : قوله : { لولا أرسلت إلينا رسولا } أوضح دليل على أنه تعالى يقبل الاحتجاج من عباده{[27599]} ، وأنه ليس قوله : { لا يسأل عما يفعل }{[27600]} كما ظنه أهل{[27601]} الجبرية من أن ما هو جور منا{[27602]} يكون عدلا منه ، بل تأويله : أته لا يقع منه إلا{[27603]} العدل ، قال : وإذا ثبت أنه تعالى يقبل الحجة ، فلو لم يكونوا قادرين على ما أمروا به لكان لهم فيه أعظم حجة{[27604]} .
دلت الآية{[27605]} على أن الوجوب لا يتحقق إلا بالشرع إذ لو تحقق{[27606]} العقاب قبل مجيء الشرع لكان العقاب حاصلا قبل الشرع{[27607]} .
قوله : { فنتبع }{[27608]} نصب بإضمار " أن " في جواب التحضيض{[27609]} .
وفي إعراب أبي البقاء في جواب الاستفهام{[27610]} ، وهو سهو . وقرأ ابن عباس وابن الحنفية{[27611]} والحسن وجماعة كثيرة{[27612]} : { نُذَلُّ ونُخزى ) مبنيين{[27613]} للمفعول{[27614]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.